موقع مصرنا الإخباري:
في مصر، الذكاء ليس شرطًا للحصول على شهادات علمية عالية، والعمل الجاد ليس شرطًا لتحقيق النجاح من خلال الدراسة الأكاديمية. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يساعدك المال في الحصول على مناصب عليا، بغض النظر عن معايير الجودة والكفاءة.
التجول في الجامعات المصرية وقراءة معايير القبول لخريجي الشهادة الثانوية العامة لعام 2022/2023، ستجد أن التعليم الجامعي قد تحول إلى تجارة، أو قد يكون وسيلة غير نظيفة للأثرياء للحصول على أعلى الدرجات العلمية.
والمثير للقلق أن نسبة القبول في ما هو معروف في مصر، الكليات العليا، التي تشمل الطب والصيدلة والعلاج الطبيعي والهندسة والاقتصاد واللغات، تراجعت إلى 70 في المائة في بعض الجامعات.
اختيارات الأثرياء
عند الحصول على شهادة الثانوية العامة، يتعين على الطالب المصري أن يختار ما سيدرسه في الجامعة. الجدارة العلمية لا تحدد اختياره، ولكن المال هو الذي يحدد اختياره.
تعد سبع وعشرون جامعة خاصة في جميع أنحاء مصر ذات الرسوم الدراسية المرتفعة التي تصل إلى أكثر من 200 ألف جنيه مصري (6470 دولارًا) سنويًا، الوجهة الأفضل للطلاب الأثرياء الذين يبحثون عن المكانة الاجتماعية والمهنة السياسية المستقبلية.
جذبت الأعمال الجامعية اهتمام الحكومة المصرية، فسارعت إلى افتتاح الجامعات غير الحكومية، التي تعتمد على كميات كبيرة من التعليم المدفوع مقدمًا.
ومنذ العام الماضي، بدأت الدراسة في 20 جامعة غير حكومية، تم إنشاء 12 منها تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في المدن المصرية الكبرى، بما في ذلك القاهرة والإسكندرية.
وتسمح الجامعات الأهلية والخاصة، والبالغ عددها 47 جامعة على مستوى الدولة بحسب وزارة التعليم العالي، بقبول الطلاب الحاصلين على معدلات تصل إلى 75% في كلية الطب البشري، و70% في الصيدلة، و65% في الهندسة. و60 في المائة في علوم الكمبيوتر.
وفي إجراء غريب يعتبر محاولة لإنعاش هذا السوق، قرر المجلس الأعلى للجامعات الخاصة وغير الحكومية، الشهر الماضي، تخفيض معايير القبول في تخصصات التكنولوجيا الحيوية والعلوم الصحية والعلوم الأساسية والتمريض والقانون والإعلام واللغات والعلوم. الترجمة والاقتصاد والإدارة والتعليم والفنون التطبيقية والعلوم الاجتماعية والسياحة والفنادق والآثار والعلوم السينمائية بنسبة 53 في المائة.
والحد الأدنى للقبول في جامعات “إدارة الأعمال” أقل بنسبة 30 في المائة عما هو عليه في الجامعات الحكومية. وتقل معايير القبول في كلية الطب بنسبة 16 في المائة عما هي عليه في الجامعات الحكومية، وبنسبة 20 في المائة في الصيدلة والهندسة. ومع ذلك، يتم تعويض ذلك عن طريق الأموال المدفوعة بالدولار الأمريكي.
وكان نقيب المهندسين المصري طارق النبراوي، قد هاجم وزارة التعليم العالي، معلناً عبر صفحته على فيسبوك رفضه التنسيق فيما يتعلق بالتعليم الهندسي، منتقداً تدني معايير القبول في بعض المعاهد الهندسية الخاصة والتي لا يتجاوز عددها 60 نسبه مئويه.
قائمة الاسعار
وفي مصر ستجد قوائم أسعار الرسوم الدراسية للجامعات الخاصة وغير الحكومية في الصحف وعلى وسائل التواصل الاجتماعي وكأنك داخل مول تجاري برسوم إدارية مرتفعة، وأحيانا مع بعض الخصومات لجذب عملاء التخصصات العلمية.
وتحصل جامعة الجيزة الجديدة القريبة من القاهرة على 210 آلاف جنيه (46800 دولار) رسوم دخول لكلية الطب البشري بالإضافة إلى 1000 دولار رسوم إدارية، بينما تحصل كلية طب الأسنان على 195 ألف جنيه (6310 دولارات) بالإضافة إلى 1000 دولار رسوم إدارية، و تحصل كلية الصيدلة على 123600 جنيه (4000 دولار) بالإضافة إلى 500 دولار رسوم إدارية.
وتحصل جامعة الإسكندرية الوطنية، شمال مصر، على رسوم دراسية قدرها 145 ألف جنيه (4692 دولارا) لكلية الطب البشري، و130 ألف جنيه (4207 دولارات) لطب الأسنان، و115 ألف جنيه (3721 دولارا) للصيدلة، و85 ألف جنيه (2750 دولارا) للهندسة. ويكسب كل منهم 50 ألف جنيه (1618 دولارًا) لكليات الاقتصاد والإعلام والعلوم.
وتحصل جامعة الجلالة بمحافظة السويس، شمال شرقي مصر، على 120 ألف جنيه (3883 دولارا) للطب، و107 آلاف جنيه (3462 دولارا) لطب الأسنان، و85 ألف جنيه (2750 دولارا) للصيدلة، و69 ألف جنيه (2233 دولارا) للهندسة وعلوم الكمبيوتر.
الجامعات الخاصة تكرر فاتورة المصاريف والرسوم الإدارية للطلبة الأجانب وتعتمد زيادة سنوية قد تصل إلى 7 بالمئة. وبذلك تتجاوز النفقات السنوية نصف مليون جنيه (16 ألف دولار) وقد تصل إلى 700 ألف جنيه (22 ألف دولار) في الجامعة الأمريكية وجامعة مصر الدولية وجامعة 6 أكتوبر الخاصة وغيرها.
وتحدث والد طالبة تدرس في إحدى الجامعات الخاصة لميدل إيست مونيتور قائلا: “الموضوع تجارة تماما”، مشيرا إلى أن الطلاب المصريين الحاصلين على شهادة جي.شهادة الثانوية العامة من الخارج يدفعون الرسوم الدراسية في وطنهم بالدولار الأمريكي.
وأضاف: “هناك تفاوت كبير بين مستوى الجامعات الخاصة وغير الحكومية. بعضها لديه اتفاقيات توأمة مع جامعات عالمية، وبعضها يتمتع باعتراف دولي، وبعضها ضعيف، ولا يملك الإمكانيات والخبرات اللازمة.
يشتكي الطلاب وأولياء الأمور من عدم توفر مستشفيات في بعض الجامعات الخاصة تسمح بدراسة التخصصات الطبية. وهذا يعني أن هذه الجامعات تضخ طلاباً غير مؤهلين إلى سوق العمل، سواء داخل مصر أو خارجها.
تحويل التعليم إلى تجارة
الرسوم الدراسية في 27 جامعة حكومية في مصر منخفضة، 2000 جنيه (65 دولارًا) سنويًا؛ ومع ذلك، تم جرهم إلى العمل.
ومنذ العام الماضي تم استخدام نظام جديد يعتمد على الساعات المعتمدة، ولا يتم قبول الطلاب في الجامعات قبل دفع التكاليف مسبقاً.
ويدفع الطالب رسوم الدراسة في جامعة حلوان جنوب القاهرة بالنظام الجديد 320 جنيها (10.5 دولار) للساعة المعتمدة في كلية العلوم، و375 جنيها (12 دولارا) للساعة المعتمدة في كلية الاقتصاد المنزلي، و375 جنيها (12 دولارا) للساعة المعتمدة في كلية الاقتصاد المنزلي. ويرتفع السعر أكثر ليصل إلى 650 جنيهًا (25 دولارًا) للساعة المعتمدة في الكليات الأخرى مثل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، بينما يرتفع سعر الساعة المعتمدة في فصلي الخريف والربيع إلى 1300 جنيه (42 دولارًا). ) بينما يرتفع السعر في الفصل الصيفي إلى 1625 جنيها (52 دولارا) للساعة في أقسام كليات الهندسة بنفس الجامعة.
يقول أحمد علي (18 عاما) إنه حصل على 39 من 40 في الدرجة النهائية للغة الألمانية، لكنه لم يتمكن من الالتحاق بقسمه المفضل في جامعة حلوان بعد أن رفعت معايير القبول إلى 40 درجة لاستيفاء متطلبات الاعتماد نظام الساعات، والذي يقبل 30 درجة مقابل رسوم سنوية بقيمة 2000 جنيه (647 دولارًا).
تراجع ضخم
ولم يشمل تصنيف QS البريطاني للجامعات العالمية 2023 أي جامعة مصرية حكومية أو غير حكومية أو خاصة ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم، باستثناء الجامعة الأمريكية بالقاهرة التي حصلت على المركز 416.
ويكمن مصدر الخطر في تزايد أعداد الجامعات والمعاهد غير الحكومية والخاصة، التي تقوم بتسليع التعليم على حساب الجامعات الحكومية. وهذا يهدر حق الحصول على تعليم جامعي حكومي مجاني، ويرى تنازل الدولة عن دورها كضامن جودة التعليم في الجامعات غير الحكومية والخاصة كما تكفله المادة 21 من الدستور المصري.
وتزداد مخاطر التداعيات المتوقعة مع تزايد تأثيرات المكون المالي على النظام التعليمي، مما يعني أن التعليم في المستقبل سيكون للأغنياء فقط، وأن الكليات والتخصصات المرموقة ستكون لمن يدفع أكثر، في حين أن وسيواجه الفقراء خطر فقدان الحق في التعليم في بلد يعاني من ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية وتدهور الظروف المعيشية في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.