موقع مصرنا الإخباري:
حدود الرد الإيراني هي أنه لا ينبغي أن يكون قوياً بما يكفي لإثارة حرب إقليمية بحيث تشعر أميركا بالحاجة إلى التدخل، لأن الهدف هو وقف الحرب الإسرائيلية على غزة.
توعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان بالرد الإيراني على الهجوم الأخير الذي شنه كيان الاحتلال الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق والذي أدى إلى مقتل العديد من كبار المسؤولين والمستشارين، بمن فيهم العميد محمد رضا زاهدي من الحرس الثوري الإسلامي. وشدد على ضرورة “الدفاع المشروع بهدف معاقبة المعتدي”، حيث يمثل الهجوم انتهاكا غير مسبوق لحماية القانون الدولي للبعثات الدبلوماسية.
وجاء الهجوم الإسرائيلي بسبب التهديد الاستراتيجي الذي يشكله محور المقاومة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ودعم إيران الثابت للمقاومة في غزة. وهو ببساطة استمرار لسياسات الكيان في قتل قادة المقاومة من فلسطين ولبنان واليمن والعراق خلال الأشهر الستة الماضية. أساس محور المقاومة اليوم وبؤرته يرتبط بالأقصى والحرب الحالية على غزة، حيث فشل كيان الاحتلال الإسرائيلي منفرداً في إضعاف المقاومة الغزية التي تعتبر الأضعف في محور المقاومة برمته. .
إن هجوم كيان الاحتلال الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية، وضعه والمعسكر الغربي في موقف سيء، إذ أصبح هناك قاعدة قانونية لإيران لمهاجمة الكيان، حيث أصبحت سيادتها مهددة. ومن المرجح أن الكيان يحاول الخروج من “المأزق” الذي يواجهه في غزة من خلال محاولة جر إيران والولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة، حيث ضاع العنوان الرئيسي خلال الأشهر الستة الماضية من الحرب على غزة. وبدلاً من ذلك، فهي ترغب في حرب إقليمية، بحيث يبدو وكأن دول المنطقة تتقاتل من أجل تأمين مصالحها، مع تحويل الضغوط والاهتمام بعيداً عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
لكن إيران حساسة للغاية لعدم السماح بحدوث انحراف في استراتيجيتها، بحيث تتحرر أيدي كيان الاحتلال الإسرائيلي في غزة، مما يسمح له بتكثيف حملة التطهير العرقي الجماعية، حيث لم تعد عيون العالم مركزة عليها. لقد كشفت هذه الحرب بشكل حاسم عن حقيقة كيان الاحتلال الإسرائيلي المبني على الإرهاب منذ بدايته، مما أدى إلى تعبئة العالم ضد هذا الكيان وجعله منبوذا في السياسة العالمية.
إن استراتيجية الانتقام الإيرانية داخل كيان الاحتلال، بحيث لا تهدد كيان الاحتلال، إلى حد أنها تستدعي تدخلاً أميركياً مباشراً وتؤدي إلى حرب إقليمية أوسع. إن نتيجة الحرب الإقليمية ستكون تحويل الحرب على غزة إلى مرتبة ثانوية وإعطاء نتنياهو ما يريد.
وتركز استراتيجية الانتقام الإيرانية بدلاً من ذلك على تعزيز المقاومة في غزة وتعزيز النصر الشامل، باستخدام حقها في ضرب كيان الاحتلال الإسرائيلي لممارسة الضغط في اتجاه التوصل إلى وقف إطلاق النار. ويشمل ذلك عودة سكان غزة إلى الشمال، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال، كما انسحبت مؤخراً من خان يونس، وإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين كجزء من صفقة تبادل.
وكذلك كانت الجبهات اللبنانية واليمنية والعراقية حاسمة في دعم وتخفيف الضغط عن المقاومة الغزية، مع تشتيت انتباه كيان الاحتلال الإسرائيلي والضغط عليه، مع تجنب تحويلها إلى العنوان الرئيسي للصراع، وهو الانتقام الإيراني. سيكون أيضًا في نفس المسار مثل بقية محور المقاومة: جبهة دعم مباشر للمقاومة في غزة، وتنفيذ رد انتقامي لا يؤدي إلى توسيع الجبهات، وفي الوقت نفسه زيادة احتمال وقف إطلاق النار بسبب الضغوط التي لا تطاق على كيان الاحتلال الإسرائيلي.
مثال على هذا الانتقام حدث في 13 نيسان/أبريل عندما استولت إيران على السفينة الإسرائيلية MSC Aries في مضيق هرمز وأطلقت صواريخ وطائرات بدون طيار على المجال الجوي الإسرائيلي وضربت القواعد الجوية. وإذا استمرت إيران في هذه الاستراتيجية كما فعلت اليمن والعراق، فإنها ستشكل كذلك تهديداً خطيراً للتجارة العالمية مع “إسرائيل” واقتصاد كيان الاحتلال الإسرائيلي، مما يزيد من انعدام الأمن لدى المستوطنين، بحيث يشعر الكيان بالاختناق. ومن المحتمل أن تشمل الإجراءات الأخرى في هذا المسار استهداف مراكز استخبارات الموساد في أماكن مثل شمال العراق والإمارات العربية المتحدة.
ومن المرجح أن تؤدي تداعيات الرد الإيراني القوي الذي يشكل خطراً على “إسرائيل” إلى تدخل أميركي مباشر لحماية كيان الاحتلال الإسرائيلي. وهنا تتسع الحرب، حيث أن الفجوة التي أحدثها سقوط كيان الاحتلال الإسرائيلي سيحل محلها محور المقاومة. فأميركا لن تقبل أن تتغير موازين القوى على يد محور المقاومة حتى النهايةلمشروعهم الغربي في المنطقة، حيث أن ذلك سيوجه ضربة قاصمة للوجود الأمريكي في المنطقة. وأميركا تفضل إعلان إفلاس كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي أنشئ في البداية لحماية المصالح الغربية.
ولا مصلحة للولايات المتحدة في توسيع نطاق الحرب، لأن الحرب المباشرة مع إيران تعني تهديداً حقيقياً للوجود الأميركي في المنطقة. إن الرسالة الضمنية التي ترسلها أمريكا إلى إيران هي أنهم لم يكونوا على علم بالضربة الإسرائيلية على القنصلية ولم يكونوا راضين عنها، وبالتالي أشاروا إلى إيران للرد بدرجة لا تبرر التدخل.
وحتى لو أعادت أميركا توزيع قواتها إقليمياً في حرب مع إيران، فإن الأمر سيستغرق أشهراً من الإعداد والتجمع. ولنشر قواتها، فإنها ستحتاج إلى الوصول إلى الموانئ والمطارات التي يمكن للجنود أن يهبطوا فيها، مع وجود بنية تحتية عسكرية، في حين يمكن لإيران مهاجمتها وجعلها غير صالحة للاستخدام. إن تعبئة الموارد للحرب أمر غير مستدام سياسياً وعسكرياً بالنسبة لأميركا.
حدود الرد الإيراني هي أنه لا ينبغي أن يكون قوياً بما يكفي لإثارة حرب إقليمية بحيث تشعر أميركا بالحاجة إلى التدخل، لأن الهدف هو وقف الحرب الإسرائيلية على غزة. وبدلاً من ذلك، فإن الهدف هو الضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي بما يكفي لوضع حد للحرب على غزة، والانتقام الإيراني يدعم هذا الهدف.
عملية الوعد الصادق
إيران ترد
إيران
إسرائيل
فلسطين
