موقع مصرنا الإخباري:
في ظل هذه المؤامرة الغربية الصهيونية على أرضنا وقتل الشعب الفلسطيني، يجب أن نتأكد أن الطريق الذي أمامنا هو الذي سينتهي بعودة المحتل من حيث أتى.
وسط مأساة إنسانية غير مسبوقة ناجمة عن حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد شعب بأكمله لاستعادة احتلاله الآثم للأرض والبحر، شاهدت تجمع من نسميهم خطأ “القادة” من الولايات المتحدة وأوروبا في قمة مجموعة السبع الأخيرة في اليابان، يبحثون عن أدنى أثر للتعاطف الإنساني الطبيعي، بغض النظر عن واجباتهم الرسمية والسياسية، لينتهي بهم الأمر خالي الوفاض!
هل يعني تولي هذه المناصب السياسية الرفيعة الانفصال عن التعاطف الإنساني الأساسي؟ هل يعني ذلك تآكل أي إحساس بالوعي تجاه النساء والأطفال والرجال الذين يموتون بسبب نقص الأكسجين والماء والدواء والغذاء أمام أعينهم؟ فكيف يمكن للاحتجاجات أن يتردد صداها في جميع أنحاء العالم دون أن تصل إلى أولئك الجالسين في مكاتبهم، بدعوى تمثيل شعوبهم ومصالح الإنسانية؟
هل يستطيع أعضاء مجلس العموم البريطاني التصويت ضد وقف إطلاق النار في غزة؟ أليس من واجبهم، كلاعبين سياسيين مفترضين، التصويت لصالح وقف إطلاق النار والبحث عن حلول سياسية؟ فهل يمكن لرئيس دولة أن ينسحب من عبارة بسيطة مثل: “اليوم يتم قصف المدنيين، وهؤلاء الأطفال والنساء والشيوخ يتعرضون للقصف ويموتون”، ليجد نفسه في اليوم التالي يتصل بالقادة الصهاينة ويعتذر عما قاله. ، والتعبير عن تأييد حق كيان الاحتلال فيما يسمونه بالدفاع عن النفس؟!
هل تستطيع الدول الأعضاء في مجموعة السبع تخصيص وقت للتمييز بين الهدنة الإنسانية والهدنة الإنسانية، لتنتهي بـ«هدنة إنسانية» لأنها أقصر من الهدنة، علماً أنها تناقش واقع تطهير عرقي وانتهاك غير مسبوق؟ من حياة البشر والنباتات والحجارة والأطفال المصابين بالصقيع والمواليد والأمهات؟
لقد أثبتت حرب الإبادة الجماعية التي شنتها قوات الاحتلال، بدعم كامل من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، أن ادعاءات الغرب بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان هي مزاعم كاذبة. والفجوة الواسعة في بلدانهم بين الحكام والمحكومين تكشف أنه لا صوت ولا رأي لشعوبهم في القرارات التي تتخذها الأنظمة الاستبدادية الحاكمة. حق الاحتجاج موجود، لكن الطغاة السياسيين لا يضعون أي قيمة للمتظاهرين أو لأصواتهم مهما كان عددهم! يصرخ المتظاهرون بينما يظل المسؤولون في غرف اجتماعاتهم صماء وعميان، ويتخذون قرارات تتماشى مع أولئك الذين يمولون حملاتهم الانتخابية.
لقد أثبتت هذه الفترة المؤلمة أن الحركة الصهيونية لا تمثل كل اليهود. لقد نأى مئات الآلاف من اليهود بأنفسهم عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها كيان الفصل العنصري الصهيوني. ولذلك فإن التعاون والتضامن بين اليهود والمسلمين والمسيحيين لحماية إنسانية البشرية يجب أن يكون واضحاً وعلى الطريق الصحيح من الآن فصاعدا. وينبغي أن يتم ذلك مع الصمود أمام ابتزاز الكيان الصهيوني وادعاءاته وخلطه المتعمد والمستمر لمفاهيم اليهودية والصهيونية، خاصة مع صعود الأصوات اليهودية المرموقة التي اتخذت موقفا جريئا ومشرفا ضد إبادة الفلسطينيين في فلسطين. غزة والضفة الغربية وجميع أنحاء فلسطين.
والحقيقة الأخرى التي لا تقل أهمية والتي أصبحت واضحة هي أنه ليس كل الصهاينة يهود؛ فبينما يوجد بينهم صهاينة مسيحيون، وصهاينة مسلمون، وصهاينة هندوس، بعضهم مستتر، وآخرون يعلنون صهيونيتهم علناً، ويؤيدون القتل الجماعي لعشرات الآلاف من العرب في غزة من خلال قصف جوي لا هوادة فيه.
لقد أثبت الضمير العالمي تفهمه العميق للوضع، رغم كل محاولات التشويه في وسائل الإعلام الغربية الممولة من الصهيونية. لقد ارتفع هذا الضمير عبر القارات دعما للشعب الفلسطيني وحقه المشروع في العيش بسلام وحرية في دولته ذات السيادة. وأعربت عن رفضها القاطع للاحتلال الصهيوني لفلسطين، ودعمها لحرية فلسطين وشعبها.
وهو ما رفع القضية الفلسطينية إلى مقدمة الاهتمام العالمي، وجعلها على رأس الأولويات في القضايا السياسية والتحررية العالمية. ولم تعد القضية الفلسطينية قضية عربية أو إسلامية فحسب، بل أصبحت قضية عالمية حقا، مثل حركة تحرير جنوب أفريقيا التي احتضنها العالم أجمع قبل نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
لقد فضح هذا الضمير العالمي بسهولة كل الدعاية الخادعة للصهيونية وحلفائها، ورفض رواياتهم واتهامات الإرهاب ضد المقاومة المشروعة. لقد وقفت بجرأة وإقناع إلى جانب المقاومة، ودعمتها في معركتهاعلى الأعمال الشنيعة التي ترتكبها قوات الاحتلال، من القتل إلى جرائم الحرب، وانتهاك كافة المقدسات. لقد أدرك الضمير العالمي أن حركات المقاومة في كل مكان هي رد طبيعي على الاحتلال والقمع والظلم والإرهاب.
قبل العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982، لم يكن هناك حزب اسمه حزب الله. إلا أن هذا الحزب تأسس لتحرير لبنان أرضا وإرادته وشعبا، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين من السجون الصهيونية الظالمة التي أقامها الإسرائيليون على الأراضي اللبنانية. إن المنطق التاريخي يعد جميع المحتلين بالمقاومة التي ستعيدهم في النهاية إلى حيث أتوا، تماما كما شهد الناس في الجزائر وفيتنام وجنوب أفريقيا وغيرها. وهذا حق مشروع للدول، تحميه كافة المواثيق والأعراف الدولية.
وحتى اليوم يرفض الغرب تعريف الإرهاب، لكننا نقول إن العدوان الإسرائيلي السافر والمستمر على فلسطين هو تجسيد حي للإرهاب والقتل والظلم وانتهاك حياة البشر، وخطأهم الوحيد هو أنهم يحاولون العيش على أرض فلسطين. أرض آبائهم وأجدادهم.
لقد أفرزت حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الصهيونية ضد الفلسطينيين دروسا سيستغرق توثيقها وتصنيفها سنوات في تاريخ العالم. لقد أثبت أن الحكومات الغربية، ككل، لا تعطي وزناً للقوانين الإنسانية والمنظمات الدولية. إن الاستهزاء بعبارة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” سيكون عاراً حقيقياً في تاريخهم. هذه الحرب لا تقضي على حياة البشر فحسب، بل تقضي أيضًا على الثقافات والمكتبات والتاريخ والتقاليد والعادات والممارسات؛ إنه يذكرنا تمامًا بما فعله الأمريكيون بالسكان الأصليين لأمريكا وأستراليا بالسكان الأصليين، السكان الأصليين لأستراليا.
ولعل هذه الدروس مجتمعة هي التي عكست هذا الهدوء والطمأنينة لدى الرئيس شي جين بينغ، عندما صرح لنظيره الأميركي جو بايدن في لقاء معه بأن “الصين لن تتبع المسار القديم للاستعمار والنهب، ولن تتبع الخطأ”. طريق الهيمنة عندما تصبح الدولة قوية.” وحث مضيفه على وقف تسليح تايوان، مؤكدا أن الصين ستحقق إعادة التوحيد: “هذا أمر لا مفر منه”.
ولا شك أن الرئيس شي، الذي شهد الوحشية الأمريكية الصهيونية في فلسطين، والذي أعربت بلاده عن دعمها للفلسطينيين، على يقين من أن العدوان الصهيوني الغربي مصيره الإفلاس والخسارة. وهو يدرك أن طريق الصين، الذي يتسم بالتعاون الإنساني، واحترام الآخرين، وعدم التدخل، والابتعاد عن الهيمنة، هو المسار الذي سوف يسود في نهاية المطاف.
وفي النهاية، الصين تبني، وتعمل، وتنتظر، بينما علينا نحن، الذين نواجه الأطماع الأبدية في أرضنا وتاريخنا ومواردنا، أن نتفحص ما يحدث لشعبنا في فلسطين، وأن نسرع في بناء الذات، وأن نحصن أوطاننا، ونأخذ مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الدروس الإقليمية والدولية المستفادة.