أكرم القصاص يكتب… رسائل مصر والسودان.. وحدة المصالح والأمن القومي

موقع مصرنا الإخباري:
العلاقة بين شعب وادى النيل فى مصر والسودان تستعيد قوتها بفضل إدراك البلدين لوحدة المصير والمصالح. البلدان من دول الجوار لليبيا تتأثران بما يجرى فيهما، أمن مصر القومى فى الغرب، وللسودان من الشمال والغرب، وتتفق البلدان فى دعم جهود الاستقرار فى ليبيا من خلال الليبيين أنفسهم، ونفس الأمر فيما يتعلق بأمن البحر الأحمر، الذى يمثل أهمية لمصر والسودان وجنوب السودان، وبالتالى فإن التحالفات أو الاتفاقيات العسكرية مع مصر بمثابة إشارة بأن أمن السودان عمق استراتيجى للأمن القومى المصرى.

ونفس الأمر، فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبى، الذى يمثل ملئه من دون اتفاق أضرارا واضحة بمصالح مصر والسودان المائية، وبالطبع فإن التنمية والتعاون والتكامل الاقتصادى هو أحد أهداف التعاون بين البلدين لصالح شعب وادى النيل.

من هنا، جاءت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للسودان بعد الكثير من الزيارات لمسؤولين من البلدين، وهى الأولى من نوعها عقب تشكيل مجلس السيادة الانتقالى، والحكومة الانتقالية الجديدة، ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وإعادة العلاقات مع مؤسسات التمويل بعد الإصلاحات الاقتصادية.

السودان يشق طريقه فى مرحلة انتقالية ليست سهلة، يستعيد فيها قدراته التنموية والسياسية بشكل كبير، وعليه أن يعبر هذه المرحلة وسط مساع لقوى وتنظيمات تسببت فى الكثير من الأذى، وتحاول تعطيل المسيرة، وأن يستعيد السودان قدراته وثرواته ويديرها لصالح التنمية العادلة، وبالرغم من الصعوبات، نجح السودان فى عبور المرحلة استعدادا لانطلاق نحو المستقبل.

والتعاون والتكامل بين شعب وادى النيل هو مطلب شعبى مستمر، ومع توفر الإرادة، يمكن للكثير من أحلام التنمية أن تصبح واقعا، وتأتى مشروعات التعاون الاستراتيجى بين مصر والسودان لتمثل مصلحة مشتركة، ولهذا كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للخرطوم تتويجا لجهود طويلة من العمل لترجمة المطالب وتحويلها إلى واقع.

وتمثل البنية الأساسية أهم نقاط الارتكاز فى التكامل الاقتصادى بين البلدين، ربط الطرق والسكك الحديدية والكهرباء هى أسس تسهل أى استثمارات أو مشروعات اقتصادية وتجارية، فضلا عن أهمية الاستثمار الزراعى فى السودان، لتحقيق الاكتفاء الذاتى وفوائض للتصدير بما يعود على الاقتصاد بثمار مهمة.

لكن الانطلاق الاقتصادى يتطلب التأكيد على حقوق السودان فى أمنه وحدوده ومياه النيل، كأحد دول المصب، التى تتضرر مثل مصر من ملء خزان سد النهضة الإثيوبى، من دون اتفاق يضمن تنظيم عمليات الملء، ويحفظ المشروعات المائية وحقوق المياه فى السودان ومصر.

قدمت مصر والسودان النية الحسنة مع عدم قبول أى إضرار بالمصالح المائية لدولتى المصب، وحاولت إثيوبيا تجاهل هذه الأضرار التى ظهرت بشكل واضح من الملء الأول فى العام الماضى، الذى تسبب فى أضرار واضحة على المشروعات المائية والكهربائية للسودان.

حرصت مصر دائما على الشفافية، وأعلنت دعم حق إثيوبيا فى التنمية بشرط ألا يكون هذا على حساب بلدى المصب السودان ومصر، وحاول الجانب الإثيوبى التأجيل والتملص أو التعامل بوجهين، ومر الملء الأول فى العام الماضى، بعد رفض توقيع اتفاق تم بمعرفة الولايات المتحدة، بالرغم من أنه تم باتفاق الأطراف الثلاثة.

مؤخرا، اقترح السودان توسيع مظلة التفاوض بإضافة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الاتحاد الأفريقى فى دورته الجديدة، برئاسة دولة الكونغو الديمقراطية، ويرمى الاقتراح السودانى إلى عدم تكرار تجربة الماضى القريب، وطول المباحثات دون إحراز أى تقدم فى حل الخلافات الفنية والقانونية بين الدول الثلاث.

وجاءت زيارة الرئيس السيسى للسودان وسط حراك دبلوماسى وعسكرى بين البلدين، وتوقيع اتفاقية للتعاون فى مجالات التدريب والتنسيق العسكرى، وتأكيد الرئيس السيسى «أن أمن السودان واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن مصر واستقرارها، وأن مصر تساند جهود تعزيز السلام والاستقرار فى السودان خلال تلك المرحلة الدقيقة».

وتنطلق مصر والسودان من إدراك وحدة المصالح والأهداف، فى البلدين، وحسم المواقف بشكل يكشف النوايا، وينهى البقاء فى وضع ضبابى، مع تأكيد البلدين أن قضايا الأمن القومى لا تحتمل العبث والتسويف والتلاعب، وهى رسائل واضحة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى