أكرم القصاص يكتب.. الصحافة والانتخابات والوعود المستحيلة

موقع مصرنا الإخباري:
مع اقتراب موعد التجديد النصفى لمجلس نقابة الصحفيين، ارتفعت أصوات كثيرة بطلب عقد الانتخابات فى موعدها، ومع ظهور بعض المؤشرات على احتمال تأجيلها، بسبب الإجراءات الاحترازية والخوف من التجمع فى ظل فيروس كورونا، ورد آخرون بأن انتخابات النواب وقبلها الشيوخ عقدت مع إجراءات احترازية، مع إشارة لكون من يريدون التأجيل هم فى الواقع يتخذون من كورونا حجة لإطالة مدة بقائهم من دون انتخابات، وحمل هذا الرأى زملاء راغبون فى الترشح أو يحملون موقفا تجاه المجلس الحالى، وتم استفتاء مجلس الدولة، والذى لم يحسم برد قاطع، ما أدى لفتح باب الترشيح للانتخابات، على أن تجرى فى 5 مارس المقبل، وتقدم عدد كبير من الزملاء وطرحوا أنفسهم للسباق.

ورغم هذا عبر عدد من الزملاء غير المرشحين عن خشيتهم من أن يكون تجمع عدد كبير من الزملاء فى الجمعية العمومية مناسبة للعدوى، وارتفاع نسب الإصابات، خاصة مع وجود عدد لا يستهان به من الصحفيين مصابين بأمراض مزمنة، يخافون العدوى، وهؤلاء أبدوا تفضيلهم لأن تنعقد الجمعية فى بدايات الصيف، بعد بدء تراجع الموجة الثانية حسبما أعلنت اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، ووزارة الصحة، حيث توقعتا أن تتصاعد الإصابات لتصل ذروتها فى إبريل قبل أن تتراجع مع شهر مايو، وقال أصحاب نظرية التأجيل إن الجمعية العمومية ربما لا تكتمل خلال الانعقاد الأول والثانى، أو تنعقد بحشد موجه، ينتهى إلى فرز غير معبر عن الجمعية.

لكن بالطبع فإن هناك زملاء أعلنوا خوض الانتخابات، باعتبار أن انتخابات النواب والشيوخ ونقابة المحامين عقدت فى مواعيدها، وكل من هؤلاء يرى أن المهنة والنقابة فى أزمة، فى ظروف بطالة ونقص فى الخدمات، وبالتالى من حق كل مرشح أن يقدم نفسه فى الانتخابات باعتباره القادر وحده على حل أزمات المهنة وانتشالها من أزماتها جميعا، وإنهاء أزمات البطالة والمعاشات والعلاج والإسكان والحريات والبدلات، حتى لو كان الأمر مجرد كلام انتخابات.

برنارد شو له مقولة شهيرة «يسود الكذب أثناء الانتخابات وفى الأسبوع الأول من الزواج»، وهناك مبدأ انتخابى بريطانى أن الناخب يذهب للانتخابات من أجل إسقاط من فى السلطة، وليس اختيار المعارضة، وليس هناك جمرك على البرامج، ومن واقع متابعة العمل النقابى والصحفى، عشرات المرات، لم يكن هناك رضا كامل عن أى مجلس قائم، دائما كان هناك غضب ورفض واعتراض، وفئات تحمل شعورا بالظلم أو الاستبعاد، ودائما ما كانت المواسم الانتخابية تشهد صراعات وحروبا دعائية وضربا تحت وفوق الأحزمة، حتى قبل ظهور «السوشيال ميديا»، التى تصنع شعورا بالتضخيم، وتقرب الصورة، وتتحمل الكثير من الكلام والتحليلات الموجهة أو البريئة.

ولعل هؤلاء الذين عاصروا الماضى القريب أو الأبعد، يعرفون أن الأمر لم يكن أبدا مثاليا، ودائما كانت هناك رشاوى انتخابية وحشد، ويعرف المعاصرون أسماء لم تكن تمارس المهنة، وتعتبر الانتخابات مهنة وموسما لتحقيق أرباح ومصالح، وبعضهم تحول إلى أصحاب نظريات فى المهنية والنقابية.

ثم أن أزمة الصحافة لا ترجع فقط إلى تدخلات أو استقطابات، لكن أيضا لأن التطورات التقنية وفى مواقع التواصل، لعبت ولا تزال دورا فى تقليل العوائد الاقتصادية للعمل الصحفى، والإعلامى عموما، فلم تعد عوائد الإعلانات قادرة على تمويل التوسع فى المؤسسات الصحفية، وأصبحت مواقع التواصل تحصل على النصيب الأكبر من العوائد، بينما تعانى منصات إنتاج المحتوى، وتسحب أنصبة كانت تذهب للصحف، وتكتفى بتنمية ودعم المشروعات الفردية.
عودة للانتخابات، ربما لم تكن هناك منح ضخمة أو خدمات إسكان أو هدايا وعطايا، باستثناء البدل، ومع هذا فإن الانتخابات أصبحت فى المرات الأخيرة تحمل مفاجآت، قد تبدو غير منطقية، لأسباب تتعلق بجمعية عمومية متنوعة، وهذا دائما هو عالم الانتخابات، وأننا «نختار من لا نعرفهم لأنهم لم يخدعونا من قبل».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى