ينتظر لبنان وصول المبعوث الأمريكي عاموس هوشستين، الذي سيبحث مع المسؤولين اللبنانيين مسألة ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتصاعد فيه لهجة التهديد إزاء أزمة حقل “كاريش” التي طفت على السطح مؤخرا.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، أن كبير مستشاري الوزارة لأمن الطاقة، عاموس هوشستين، سيجري زيارة خلال الأسبوع القادم إلى لبنان لبحث أزمة الطاقة في البلاد.
وأوضحت الخارجية في بيان أن هوشستين سيبحث خلال زيارته بيروت يومي الاثنين والثلاثاء، مسألة ترسيم الحدود بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي.
وأشارت الخارجية إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تأمل في أن “توصل لبنان وإسرائيل إلى قرار بشأن ترسيم الحدود البحرية”.
وأضافت أن واشنطن ترحب “بالروح التشاورية والصريحة للأطراف للتوصل إلى قرار نهائي من شأنه تحقيق مزيد من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان وإسرائيل”.
وكانت السلطات اللبنانية قد دعت هوشستين، الاثنين الماضي، لاستكمال مفاوضات ترسيم الحدود، بعد وصول سفينة إنتاج وتخزين إلى حقل “كاريش” الذي تعتبر بيروت أنه يقع في منطقة متنازع عليها.
وحذر لبنان “إسرائيل”، الأحد، من أي “عمل عدواني” في المياه المتنازع عليها بعد وصول سفينة تديرها شركة إنيرجيان ومقرها لندن قبالة الساحل لاستخراج الغاز لحساب الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب بيان صادر عن مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، فقد قررت السلطات اللبنانية إجراء “سلسلة اتصالات دبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لشرح موقف لبنان.. واعتبار أن أي أعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازع عليها، تشكل استفزازا وعملا عدوانيا”.
وتوقفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين عام 2020 بوساطة أمريكية في أيار/ مايو من العام الماضي جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
على جانب الاحتلال، حذر ضباط في الجيش الإسرائيلي من أن حزب الله يعتزم “الاحتجاج” ضد قرار “تل أبيب” استخراج الغاز من حقل “كاريش”، الذي يقع في المنطقة البحرية المتنازع عليها بين لبنان و”إسرائيل”، وأن حزب الله “لن يذهب بعيدا في البداية، ونحن نستعد لمواجهة استفزازات”، بحسب ما نقل عنهم موقع “واللا” الإلكتروني، الجمعة.
ويتوقع الجيش الإسرائيلي سيناريوهات متنوعة حول رد فعل حزب الله، بحسب الضباط، “بدءا بإطلاق نار من أسلحة خفيفة في الهواء من أجل التخويف، واقتراب زوارق بصورة مهددة وحتى محاولة تخريب العمل” في منصة الغاز.
وشكل الجيش الإسرائيلي قوة مهمتها التركيز على جمع معلومات استخباراتية حول تهديدات ضد منصة الغاز، وتعزيز تحليق طائرات بدون طيار في منطقة حقل “كاريش”، للتحذير من أحداث في هذا الموقع “وإحباطها أو الرد عليه بشكل سريع”.
وادعى بيان مشترك صادر عن وزراء الأمن بيني غانتس والخارجية يائير لابيد والطاقة كارين إلحرار، أن “منصة كاريش هي مورد استراتيجي لدولة إسرائيل. والمنصة لن تستخرج الغاز من المنطقة المتنازع عليها. وترى دولة إسرائيل أهمية عليا في حراسة مواردها الاستراتيجية، وجاهزة من أجل الدفاع عنها وعن أمن بنيتها التحتية. وذلك كله بموجب حقوقها”.
وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، قال في كلمة بثّتها قناة “المنار”، الخميس، إن “الهدف المباشر يجب أن يكون منع العدو من استخراج النفط والغاز من “كاريش” ووقف هذا النشاط الذي سيبدأ ويمكن أن يكون قد بدأ”.
وشدّد نصر الله على أن “المقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهب ثروات لبنان… والأمل الوحيد المنقذ للشعب اللبناني”، مضيفًا أن “المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي”.
من جهتها نقلت صحيفة “الجمهورية” اللبنانية عن مصادر ديبلوماسية لم تسمها أنه على رغم من التصعيد السياسي والإعلامي، “فإنه لا توجد أي مؤشرات تعزّز احتمالات التصعيد، ولا تعتقد أن الأمريكيين يرغبون في تطور الأمور البحرية إلى حد الصدام العسكري، وهذا ما تمّ نقله عبر رسائل مباشرة وغير مباشرة الى المسؤولين في لبنان”.
غموض في الاستشارات
داخليا، لا يزال لبنان يعيش تداعيات الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث يرى مراقبون أن الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد.
وبحسب صحيفة “الديار” اللبنانية فإن استحقاق الاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة الجديدة لم تظهر في أفقه بعد أي معطيات واضحة حيال الشخصية أو الشخصيات المتداولة للتكليف.
من جهته انتقد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تأخر الاستشارات النيابية بخصوص رئيس الحكومة الجديد.
وقال إنه “بحسب الدستور يجب إجراء الاستشارات النيابية”، مشيراً إلى أن “الاستشارات متأخرة كما العادة، وهذا مخالف للدستور، حيث يجب أن تقام الاستشارات كي تسمّي كل كتلة نيابية من تريد”.
وقال جنبلاط في حشد من أنصاره: “يبدو أنهم يطبخون الطبخة معاً، وهناك نيّات (ليست جيدة) وهذا كلّه يعطل ولادة الحكومة”.
في الملف الرئاسي قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، الجمعة، إن انتخابات رئاسة الجمهورية المقررة في 31 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، “قد تتأخر ولكنها ستحصل”.
كلام ميقاتي جاء ضمن لقاء حواري نظمه “معهد السياسة والمجتمع” في العاصمة الأردنية عمّان، خلال زيارة غير معلنة سابقا بدأها الخميس، بالتزامن مع استضافة المملكة لاجتماع إقليمي هام للطاقة، بحسب بيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة اللبنانية.
وبحسب ميقاتي فإنه “من خلال تركيبة المجلس النيابي الجديد، بات من الصعب على أي فريق أن يعطل الانتخابات (الرئاسية)، وبالتالي فإن إمكانية إجراء الانتخابات باتت أكثر احتمالاً مما كانت عليه قبل أشهر”.
وعن الملف الحكوميّ وإمكان تكليفه من جديد، أكد ضرورة “أن يختار المجلس النيابي من يراه مناسباً لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن يكون التشكيل الحكوميّ من دون شروط وتعقيدات يضعها أي فريق في وجه الرئيس المكلف”.
وتنتهي ولاية رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، عند انتهاء ولاية من 6 سنوات بحسب الدستور اللبناني.
وفي 2016 انتخب أعضاء البرلمان بالاقتراع السري العام عون، لينهي آنذاك فراغا رئاسيا استمر 29 شهراً بسبب خلافات داخلية حالت دون التوافق على شخصية الرئيس.
وبعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تحوّلت مهام الحكومة الحالية إلى تصريف أعمال، وبات النواب الجدد أمام استحقاق اختيار شخصية لتكليفها بتشكيل الحكومة الجديدة.
ويلقي الدستور على عون مهمة دعوة النواب إلى إجراء استشارات برلمانية ملزمة لاختيار وتكليف رئيس حكومة جديد.
والخميس، دعا عون النواب إلى إجراء هذه الاستشارات الأسبوع المقبل، وفق ما أعلن بيان صادر عن مكتب الرئاسة.
وأدّت الخلافات بين القوى السياسية في لبنان إلى مأزق عرقل حتى الآن الإصلاحات التي تشكل شرطاً مسبقاً لتلقّي البلاد مساعدات خارجية.
ومنذ 2019، يعاني لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة بدأت بشحّ الدولار، ما دفع السلطات إلى حجز أموال المودعين والإفراج عن القليل منها بشروط محددة.
اللجان والاختلال
وسط هذه الأجواء، فإن مجلس النواب استكمل الجمعة، عملية انتخاب اللجان النيابية ورؤسائها.
وجاءت نتائج انتخابات رؤساء اللجان متماهية تماما مع السيطرة الواسعة لقوى 8 آذار على اللجان إذ بلغ عدد النواب من رؤساء اللجان المحسوبين على هذه القوى 11 رئيس لجنة، بعدما حل ثلاثة من نواب حلفاء لـ8 آذار مكان ثلاث لجان كانت رئاساتها سابقا لتيار “المستقبل”.
ولم تحظ قوى 14 آذار سوى بثلاث رئاسات لجان، اثنتان منها لـ”القوات اللبنانية”، وواحدة للحزب التقدمي الاشتراكي، فيما ذهبت رئاستا لجنتين لمستقلين، ولم يتمكن أي نائب “تغييري” من الفوز برئاسة أي لجنة.
المصدر: عربي 21