رغم الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب وباء كورونا، التي أطل على العالم، وأصاب رذاذ منه بلادنا العربية والاسلامية الحبيبة، إلا أن عددًا محدودًا من المسلمين يؤدون مناسك الحج لهذا الموسم، حيث تخطف ملابسهم البيضاء وأصواتهم بالتلبية العقول والقلوب، التي تحن وتشتاق لمكة أرض الصالحين.
هذا المشهد المبهج، يزداد جمالًا بتحرك ضيوف الرحمن في إيقاع إيمانى، راسماً معنى إيمانياً بالغ الطهار، وسط إجراءات احترازية كبيرة واحترافية في التعامل مع الأمر من قبل السلطات السعودية، يؤدون المناسك.
ركب الحجيج يتحرك لـ”منى” للمبيت فيها وقضاء يوم التروية، استعدادا للصعود إلى مشعر عرفات فجر يوم التاسع والعودة بعد ذلك لقضاء أيام التشريق بها .
“مِنى”، هذا المكان الطاهر النقي، يقع بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، وهو وادى تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادى محسر .
تعددت الأقاويل حول سبب تسميته بـ”مِنى”، حيث يقول المؤرخون: إن تسمية “منى” أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة فى الحج، وقيل لتمنى آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنى.
وعلى هذه البقعة الطيبة من الأرض رمى إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام، وفيه قال عز وجل “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْى قَالَ يَا بُنَى إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم”، وذكر بعض المؤرخين أنه كان بمنى مسجداً يعرف بمسجد الكبش.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما على هذه الأرض المباركة نزلت سورة النصر أثناء حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم، وبـ “منى” تمت بيعة الأنصار المعروفة ببيعتى العقبة الأولى والثانية حيث بايعه عليه السلام فى الأولى 12 شخصاً من أعيان قبيلتى الأوس والخزرج، فيما بايعه فى الثانية 73 رجلاً وامرأتان من أهل يثرب وكانت قبل هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام إلى يثرب.
ويقضى الحاج بمنى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذى الحجة ويستحب فيه المبيت فى منى تأسيا بسنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وسمى بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، وفى هذا اليوم يذهب الحجيج إلى منى حيث يصلى الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرًا بدون جمع ويسن المبيت فى منى.
ويعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم العاشر من ذى الحجة بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر يوم التاسع من شهر ذى الحجة ومن ثم المبيت فى مزدلفة.
ويقضون فى منى أيام التشريق الثلاثة لرمى الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ومن تعجل فى يومين فلا إثم عليه، وكما جاء فى القرآن الكريم” وَاذْكُرُوا اللهَ فِى أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ” والمقصود بها “منى” المكان الذى يبيت فيه الحاج ليالى معلومة من ذى الحجة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده .
وروعى فى اختيار شكل الخيام ملائمتها للطابع الإسلامى واستعمال أفضل التقنيات الحديثة فى مراحل التصنيع والتنفيذ ، بما يتيح الاستفادة القصوى من مساحة المشعر.
بقلم محمود عبدالراضى