أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة أن ملف التغيرات المناخية من الملفات الهامة التى تشغل العالم أجمع، مشددة على أهمية دور البحث العلمى والجامعات فى التصدى لآثار تغير المناخ، جاء ذلك خلال مشاركتها فى صالون ” النيل ” والذى تنظمه جامعة النيل الأهلية بالشيخ زايد ، وذلك للحديث عن ” التغيرات المناخية في مصر .. التداعيات وسياسة المواجهة” في إطار سلسلة الندوات التي تقدمها الجامعة وتتناول فيها عدد من القضايا الحيوية التي تمس المجتمع المصري ، وذلك بحضور الدكتور وائل عقل رئيس جامعة النيل ،وعدد من أساتذة ومجلس أمناء وطلاب الجامعة.
وأوضحت د. ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أن قضية تغير المناخ هى تحدى عالمى فما يشهده العالم خلال السنوات الأخيرة من آثار دامية والتى لم تفرق بين دول نامية ودول متقدمة، يؤكد ذلك على ان الجميع مستهدف ويتأثر بتغير المناخ، لذلك فالمسئولية جماعية لكافة أصحاب المصلحة وأطياف المجتمع المختلفة، مؤكدة على أنه للتغلب على تلك الآثار نحتاج أن نكون سباقين بالعلم والابتكارات وقوة بشرية قادرة وواعية لمواجهة هذا التحدى ، لافتة الى انه من اهم القوى التى تنعم بها مصر هى شبابها وخاصة التعليم قبل الجامعى واستكماله بالتعليم الجامعى، فالاستثمار فى البشر والشباب فى المجالات المختلفة هى التى ستؤهلة وتزوده بالمعرفة ويكون لديه أدوات البحث العلمي لمواجهة آثار تغير المناخ، فهذا هو الهدف الذى يمكن أن نعمل عليه جميعا خلال الفترة القادمة.
ومن جانبه أعرب الدكتور وائل عقل عن سعادته بأن تكون ضيف الصالون في نسخته الرابعة الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، كنموذج مشرف نفتخر به ونشجع طلاب الجامعة بأن يحتذوا بتلك النماذج ، مشيرا الى أهمية هذا اللقاء والذى يدور حول التحديات التي تتعلق بقضية التغيرات المناخية، والطريق الأمثل للمواجهة وحماية الأجيال الحالية والمستقبلية، وجهود الدولة المصرية فى مواجهة هذا التحدي الذي بات يهدد العالم أجمع، مؤكدا على أن قضية التغيرات المناخية تعد واحدة من القضايا الهامة التي تهم كافة الأطراف المعنية في مصر، والجامعة كانت لها مشاركة متميزة في مؤتمر تغير المناخ COP 27 بعدد من المشروعات البحثية في مجال حماية البيئة، هذا بجانب المشروعات الرائدة التي تقوم بها مبادرة “رواد النيل”، وتميزت المشروعات والنماذج البحثية التي شاركت بها الجامعة بأنها مشروعات صديقة للبيئة وتهدف بشكل أساسي إلى خدمة الاقتصاد الأخضر ومساندة الناتج القومي.
دور جامعة النيل في قضية التغيرات المناخية
كما استمعت الدكتورة ياسمين فؤاد إلى عرض تقديمى عن دور جامعة النيل ومراكزها البحثية في قضية التغيرات المناخية والحفاظ على النظام البيئي ومشروعات الجامعة التي تهدف بشكل أساسي إلى الاستدامة واستغلال المخلفات الزراعية للوصول إلى منتجات صديقة للبيئة ، وأكدت وزيرة البيئة على إمكانية تفعيل التعاون مع الجامعة فى العديد من المجالات منها المخلفات الزراعية ، موضحة أن مصر تتنج ما يقرب من ٤٢ مليون طن سنويا من المخلفات الزراعية ، ولدينا العديد من المشروعات الاستثمارية فى تلك المجال منها اعادة استخدام قش الارز ، وقشر الموز لإنتاج الورق وتصديره، وقشر الرمان حيث يتم تصديرية لانتاج منتجات العناية بالبشرة وغيرها. مشيرة إلى أن هناك دول قامت اقتصادياتها على الاقتصاد الحيوي من خلال زراعة أنواع معينة من المحاصيل قليلة الاستهلاك للمياه وإمكانية الاستثمار فيها ، مثل نبات الجوجوبا، والصبار والرمان وغيرها.
واستكملت وزيرة البيئة إنه يتم أيضا الاستثمار فى مجال زيوت الطعام المستعملة من خلال استخدامها فى الوقود الحيوى المستخدم بالطائرات وذلك وفقا لاجراءات محددة يتولاها جهازى شئون البيئة، وإدارة المخلفات بالتعاون مع الجهات المعنية، حيث ألزم جهاز تنظيم إدارة المخلفات مولد المخلف أيا كان نوعه بالمسؤولية عن دفع تكلفة إداراته وهو ما يفتح المجال للقطاع الخاص، والشباب لفرص عمل جديده ،مشيرة الى التنسيق خلال الفترة القادمة للتعاون مع الجامعة فى مجالات المخلفات الزراعية والاقتصاد الحيوى وأيضا التعاون فى الحد من استهلاك الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، والتى خاضت وزارة البيئة بالتعاون مع الجهات المعنية شوطا كبيرا فيها ومازالت الجهود مستمرة.
وأكدت وزيرة البيئة خلال حوارها مع طلاب الجامعة على ضرورة تمسك الشباب بالحلم والوصول إلى تحقيق ما يريد بالجهد والمثابرة، والعمل على بناء نفسه فى مرحلة الجامعة والاستفادة من تلك المرحلة فى تكوين العلاقات الإنسانية مع دكاترة وأصدقاء الجامعة وكذلك الفرص التى يمكن أن تكون متاحة لدينا خلال تلك الفترة ، موضحة أن مصر تعد من اكثر الدول تأثرا بآثار تغير المناخ بالرغم من عدم تسببها في ذلك، بمعنى ان الانبعاثات الصادره عنا من المصانع والسيارات ومسارات التنمية من إجمالى انبعاثات العالم تمثل 0.6 % من الانبعاثات الحرارية، مشيرة إلى تأثرنا بذلك عن طريق الطبيعة الديمغرافية عن طريق ارتفاع منسوب مستوى سطح البحر وتأثر ٧ محافظات تأثرا كبيرا، وكذلك تأثر زراعة محاصيل كان المزارع المصري يزرعها في مواسم معينة، مؤكدة على أن موجات الحر تؤثر على الأمن الغذائي، ووفرة المياه ونزوح المواطنين من بعض الأماكن. مشيرة الى إنشاء الدولة لـ 16 مدينة جديدة عمرانية والتوسعة فى بناء مجتمعات جديدة متكاملة هو جزء كبير من النظرة المستقبلية لحل مشاكل قادمة ستؤثر علينا مع الزيادة السكانية.
وأشارت وزيرة البيئة أن هناك قطاعات لم تتسبب في آثار تغير المناخ وستتأثر بها مثل قطاع الزراعة وقطاع المياه والصحة والسياحه، لافتة الى أن هناك بعض المناطق الساحليه المنخفضه مهدده بالغرق وارتفاع منسوب مستوى سطح البحر يمكن رؤيه تأثيره خلال 10 او 15 عام، كذلك انتشار امراض كثيره نتيجه ارتفاع درجات الحراره وهذه الامراض ستنتقل اكثر من الحيوان الى الانسان، كما أن قطاع السياحة سيتأثر ومنها الشعاب المرجانية حيث سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى بياض الشعاب المرجانية ونحاول العمل على المحافظة عليها من خلال زراعة انواع معينه من الشعاب المرجانية، مؤكدة على أن هذه موجات الطقس الجانحة لم تكن موجودة قبل ذلك ولم نراها بهذه الحدة، موضحة أن اهم قرار للدولة المصرية هو أن يصبح هذا الملف ليس على مستوى وزير أو وزارة بعينها بالرغم أن وزاره البيئة هي المعنيه بهذا الملف كشأن الوزارات في العالم كله، مضيفة أنه كان مهم مؤسسيا إنشاء المجلس الوطني للتغيرات المناخية والذي كان يرأسه وزير البيئة، وأصبح حاليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء ويعرض عليه ملف تغير المناخ على مستوى جميع الوزراء، إضافة إلى ذلك أن يكون لدينا تقارير لرصد الظاهره والانبعاثات الصادره، موضحة أن ما يحدث في فكره الاستثمار حاليا في مصر مبنى على فكرة التصدي لآثار تغير المناخ والحد من الانبعاثات والتحول للاخضر، وهو ما نعمل معه مع المستثمرين من خلال المشروعات التي تقوم بها مصر حاليا سواء المشروعات الخاصة بالطاقة الجديدة والمتجددة أو التوسع في الزراعة بإعادة استخدام المياه مرة أخرى أو التوسع في الصناعه باستخدام كفاءه استخدام الطاقة أو إعاده استخدام المياه في العمليات الصناعيه، لافتة إلى أن ملف التحول الأخضر هو أساس فكرة الاستثمار في دول كثيره جدا منها مصر، وكان من الأهمية وضع استراتيجيه ورؤية بعيدة المدى لمصر 2050 ورؤية متوسطة المدى لعام ٢٠٣٠ وتوضيح الأدوار والمسؤوليات لكل جهه على مستوى الدوله ككل وليس الحكومة فقط.
المجلس الوطنى للتغيرات المناخية
ولفتت وزيرة البيئة إلي أن المجلس الوطني للتغيرات المناخية يضم ممثلي الهيئات و الوزرارات المعنية ليشكل مجموعة عمل فنية تقوم بتصعيد كافة الأعمال كل ثلاث اشهر لرئيس الوزراء لاصدار القرارات فيما يخص المشروعات الكبرى والسياسات التي سننتهجها والأدوار الخاصة ودور القطاع الخاص وما يتطلب من تجميع بيانات و معلومات فيما يخص تلك القرارات ، مستعرضة المشروعات التي تقوم بها مصر منذ اكثر من ١٠ سنوات للتصدي لآثار التغيرات المناخية ومنها مشروع تحسين الطاقة و الطاقة البديلة و الطاقة المتجددة حيث قامت مصر بأكبر مشروع للطاقة الشمسية بمحطة بنبان بأسوان مشيرة الي مشروعات اعادة تدوير المخلفات للحد منها. مثل وحدات البيوجاز لإنتاج الطاقة و انتاج السماد العضوى، وكذلك مشروعات النقل الجماعي بالأتوبيسات الكهربائية و القطار الكهربائى و مشروع الدرجات التشاركية لشباب الجامعة بالفيوم لنقل الطلبة من المدينة الجامعية الي الحرم الجامعي بالإضافة إلي مشروعات التكيف، واعادة استخدام مياة الصرف الصحي وتبطين الترع وتخزين مياه الأمطار و السيول كذلك تحلية مياه البحر الأحمر، كما أن هناك مشروعات الأمن الغذائي حيث يتم استنباط أنواع اكثر مقاومة لدرجات الحرارة العالية ومشروعات إعادة تأهيل البحيرات الشمالية و إجراءات حماية الشواطئ بالتعاون مع شركاء التنمية الدوليين من هولندا و إسبانيا بالاعتماد علي الحلول من الطبيعة .
وتابعت وزيرة البيئة مؤكدة إننا في حاجة الي ٢٦٤ مليار دولار سنويا للتكيف مع آثار التغيرات المناخية بالقطاعات المختلفة بخطة ٢٠٣٠ منها ١٩٦ مليار دولار مشروعات تخص مشروعات الطاقة و٥٠ مليار لقطاع الزراعة والمياه وتقوم مصر بحشد التمويل من خلال شركاء التنمية كما يتم دعم الاستثمار مع القطاع الخاص علي ان توفر الدولة البنية التحتية مؤكدة ان التحديات المالية موجودة بكافة الدول النامية كذلك هناك تحديات خاصة بنقل التكنولوجيا مشيرة الى أنه تم توقيع عقد لأكبر خط لإنتاج السماد والوقود البديل بالتعاون مع الإنتاج الحربي والتنمية المحلية، وشددة وزيرة البيئة علي ضرورة بناء قدرات الشباب لتعميق فهم موضوعات التغيرات المناخية و ابتكار أفكار جديدة للمواجهة فهي منظومة متكاملة تعكس قضية حياتية.
واختتمت وزيرة البيئة كلمتها بالتأكيد على أن ملف التغيرات المناخية ملف هام سواء من ناحية التكيف أوالتخفيف ، والجميع شركاء فيه ، ولابد أن نكون جزء من الحل، مُشيرة إلى مانص عليه اتفاق باريس فيما يخص مبدأ المسئولية المشتركة ولكن متباينة الأعباء ، حيث أكد على أن المتسبب فى الانبعاثات وهو الدول المتقدمة. لذا ستدفع ثمن خفض الانبعاثات لمساعدة الدول النامية على مواجهة التغيرات المناخية، موضحةً أن جميع قطاعات الدولة تعمل ببرامج محددة من أجل التصدى للتغيرات المناخية بالتعاون مع الشركاء.
كما شهد اللقاء تكريم الدكتورة ياسمين فؤاد، تقديرًا لجهودها ودورها البارز فى رفع الوعي البيئي بقضية التغيرات المناخية، ومساهماتها المتميزة فى الملفات البيئية المختلفة، ودعمها المستمر لتعزيز مشاركة الطلاب والشباب بالابتكارات والأفكار لإيجاد حلول للمشكلات والتحديات البيئية التي تواجه بلادهم.
المصدر :بوابة الأهرام