كشفت وسائل إعلام عبرية عن إبرام صفقات تجارية بين السعودية وإسرائيل مؤخرا بوساطة كل من الإمارات والبحرين التي أقامتا علاقات تطبيع مع تل أبيب.
وذكرت صحيفة Globes الإسرائيلية للأعمال أن بعض الصفقات التجارية قد تمت بين إسرائيل والسعودية خلال الأشهر الماضية، عبر وساطة الإمارات والبحرين.
وأكدت الصحيفة أن إسرائيل والسعودية أجرت محادثات متقدمة بشأن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين على الرغم من الموقف السعودي المعلن بربط التطبيع بحل القضية الفلسطينية.
من جهته أبرز الكاتب الإسرائيلي Danny Zaken أن “فتح الأسواق السعودية أمام البضائع الإسرائيلية سيكون له أهمية كبيرة للشركات والمصدرين الإسرائيليين، لأن السعودية ذات قوة شرائية عالية للسكان البالغ عددهم 33 مليون نسمة”.
يأتي ذلك فيما كشفت صحيفة Jerusalem Post العبرية أمس عن “هبوط أول رحلة طيران إسرائيلية في السعودية، وهي المرة الأولى التي تهبط فيها طائرة عامة من إسرائيل، وتأتي بعد يوم واحد فقط من هبوط أول رحلة جوية سعودية في مطار بن غوريون”.
ومؤخرا اتخذ ولي العهد محمد بن سلمان خطوة غير مسبوقة لتعزيز مكانة اليهود في السعودية وزيادة أعدادهم في وقت حدد شرطا بتحسين معاملة الإدارة الأمريكية له من أجل التطبيع العلني.
وكشفت مصادر مطلعة ل”سعودي ليكس”، أنه تم حديثا بشكل سري افتتاح كنيس يهودي في الرياض يقدم الأكل اليهودي وطقوس المواليد والزواج والصيام والغفران، بشكل دائم بالإضافة للدعوة والحوار.
وذكرت المصادر أن كل هذه الأمور معلنه في موقع الحاخام ومصرح بها من قبل الدولة، يتحرك في الرياض بحماية أمنية مدنية وأعلن عن رقم جوال للتواصل مع الجالية اليهودية في السعودية.
يأتي ذلك فيما أكدت وسائل إعلام عبرية أن مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، جيك سوليفان، بحث في الرياض مع سلمان، في 27 أيلول/سبتمبر الفائت، إمكانية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
وذكرت موقع “واللا” العبري أن بن سلمان لم يرفض إمكانية التطبيع العلني للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، لكنه ذكر أن خطوة كهذه تستغرق وقتا وقدم لسوليفان قائمة بخطوات ينبغي تنفيذها قبل خطوة كهذه.
وقسم من هذه الخطوات تتعلق بتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وذلك في أعقاب فتور هذه العلاقات منذ بداية ولاية إدارة جو بايدن، على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان وفي مقدمتها اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، بسبب انتقادات وجهها إلى بن سلمان.
وصادق بايدن، قبل عدة أشهر، على نشر تقرير لـCIA جاء فيه أن بن سلمان أصدر الأمر باختطاف وقتل خاشقجي. وحسب “واللا”، فإن اي خطوة سعودية نحو التطبيع مع إسرائيل، “يتوقع أن تكون جزءا من صفقة أكبر تشمل خطوات إسرائيلية تجاه الفلسطينيين وخطوات أميركية لتحسين العلاقات مع بن سلمان”، الذي يرفض بايدن أن يلتقي أو يتحدث معه حتى الآن.
ومن شأن انضمام السعودية إلى “اتفاقيات أبراهام”، التي تشكل حلفا إقليميا مع إسرائيل، أن يشرعن اتفاقيات تطبيع أخرى بين دول عربية وإسلامية مع إسرائيل بحسب وسائل إعلام عبرية.
وتطرق وزير الخارجية السعودية، فيصل بن فرحان، ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، إلى لقاء سوليفان وبن سلمان، في تصريحات إثر لقائهما في واشنطن، يوم الخميس الماضي، لكن أيا منهما لم يذكر مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
إلا أن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، طرح الأسبوع الماضي أثناء لقاءاته مع بلينكن وسوليفان موضوع تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية أخرى.
وبعد لقاءات لبيد في واشنطن، قال مسؤول إسرائيلي خلال إحاطة لمراسلين أميركيين، الخميس الماضي، إن دولة عربية أو إسلامية “ستنضم بالتأكيد” إلى “اتفاقيات ابراهام” في السنة القريبة.
وأضاف “واللا” أن مسؤولين في إدارة بايدن قالوا خلال محادثة عبر الفيديو مع قادة منظمات أميركية – يهودية، يوم الجمعة الماضي، إن واشنطن تجري اتصالات هادئة مع عدة دول عربية وإسلامية، ثمة احتمال لانضمامها إلى “اتفاقيات ابراهام”.
وأشاروا إلى أن العلاقات القوية بين إسرائيل والولايات المتحدة هي عنصر مركزي في جميع المحادثات مع تلك الدول العربية والإسلامية.
يشار إلى أن السعودية أيدت اتفاقية تطبيع العلاقات والتحالف بين إسرائيل والإمارات، ومنحت ضوءا أخضر للبحرين للانضمام إلى “اتفاقيات أبراهام”. كذلك استجابت السعودية لطلب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بالسماح لرحلات جوية بين إسرائيل وبين الإمارات والبحرين بالعبور في الأجواء السعودية.
ويبدو أن الإدارة الامريكية تعمل بشكل حثيث نحو تعزيز العلاقة مع السعودية للسير نحو التطبيع مع إسرائيل، واللحاق بركب دول التطبيع الجديدة التي وقعت “اتفاقات أبراهام”، ويتضح ذلك من إصرار تل أبيب ومثابرتها على توطيد العلاقات مع السعودية والاستجابة العالية من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
ولا شك في تطور العلاقات السعودية مع إسرائيل خلال السنوات الماضية، وعلى الرغم من نفي المسؤولين السعوديين، إلا أن هناك سياق تاريخي تراكمي من الوقائع التي تؤكد ذلك، ولا يمكن تجاهلها.
في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الفائت نقلت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية عن زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو السعودية والتقى مع بن سلمان ووزير الخارجيّة الأميركيّ، مايك بومبيو، في مدينة نيوم وتم بحث النووي الإيراني وتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وفي حينه نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول إسرائيلي رصد تحول خلال الأسابيع الأخيرة في الديوان الملكي السعودي قد يجعل الانتقال نحو تطبيع العلاقات ممكنًا.
ولم يبد ولي العهد السعودي أي معارضة للنشر والكشف عن اللقاء الذي جمعه بنتنياهو، وفقا لمصادر سعودية التي أوضحت أن إسرائيل عملت طويلا بغية إخراجه لحيز التنفيذ.
هذا عدا عن اللقاءات السرية والعلنية بذرائع مختلفة اقتصادية وتجارية وأمنية، والتي عقدت بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين بما فيهم رئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت الذي التقى في عمان مع مستشار الأمن القومي السعودي بندر بن سلطان.
ولم تنكر السعودية التقارير الذي تحدثت عن التبادل الأمني، وفي يونيو/ حزيران الماضي نشرت صحيفة “ذي ماركر” أن شركة قوادريم لإسرائيلية، قدمت خدمات سايبر هجومية للسعودية، وهي واحدة من شركات السايبر الهجومية الإسرائيلية التي تعاقدت معها السعودية.
كما ذكرت مصادر صحفية إسرائيلية عن تشجيع إسرائيل بشكل رسمي شركة NSO لبرامج التجسس عبر الهواتف النقالة وتتوسط بين الشركة ودول في الخليج، من خلال برنامجها “بيغاسوس” لاختراق الهواتف النقالة، ووصلت مبيعاتها إلى مئات ملايين الدولارات في الإمارات والسعودية ودول خليجية أخرى.