يبدو ان نظرية جز العشب هي نظرية امنية “اسرائيلية” تقوم على ملاحقة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل حثيث ومتواصل دون توقف بحيث لا يسمح لها بالتقاط الانفاس وتحولها الى ظاهرة مستمرة كما حدث في الانتفاضة الثانية.
والنظرية تقوم على ملاحقة خلايا المقاومة والمقاومين بشكل سريع ودقيق سواء بالاغتيال او بالاعتقال، ويعتقد المستوى الامني الاسرائيلي ان هذه العملية لتقليم الاظافر بالتوازي مع بعض التسهيلات الحياتية للفلسطينيين ستحافظ على حالة الهدوء في الضفة وتمنع الانزلاق الى مواجهة شاملة يبدو الاحتلال بكل الاحوال غير مستعد لها وغير معني بها على الاقل في هذه المرحلة، وفي ظل تمسك السلطة الفلسطينية بالنهج السياسي القائم على البحث عن شريك اسرائيلي للتسوية او تدخل دولي لفرضها فان الاوضاع ستبقى ضمن المعقول وان حدث خرق من هنا وهناك يمكن السيطرة عليه ، لكن في الاونة الاخيرة على مايبدو فان شهية الاحتلال الاسرائيلي اصبحت مفتوحة اكثر وتجاوزت في هذه النظرية خلايا المقاومة والمقاومون الى المؤسسات الحقوقية والاهلية التي يظن الاحتلال انها تشكل مصدرا للازعاج له سواء من خلال عملها مع المؤسسات الدولية وتقديمها للتقارير والدراسات التي تكشف جرائم الاحتلال وتجاوزاته للقوانين والاعراف الدولية او تلك التي تقدم الخدمات للفلسطينيين بعيدا عن اجهزة السلطة الرسمية، ما حدث من عملية اغلاق للمؤسسات الاهلية والحقوقية في مدينة رام الله هو جزء من سياسة امنية “اسرائيلية” جديدة الهدف منها بعد تقليم اظافر المقاومة – وفق اعتقاد الاحتلال – طمس حتى الاصوات الفلسطينية التي ترتفع لتكشف الوجه الحقيقي له وهذا يعني اننا سنرى خلال المرحلة المقبلة ملاحقة لمؤسسات اخرى ما لم تلتزم بمعايير امنية اسرائيلية ستفرض عليها عرفا وليس نصا، ورغم ان الاتحاد الاوروبي والذي يعتبر الداعم الرئيس لهذه المؤسسات غير مقتنع بالرواية الاسرائيلية التي تقول ان هذه المؤسسات تتبع لتنظيمات فلسطينية معينة الا ان مجرد طلب الاتحاد الاوروبي من تل ابيب تقديم اثباتات بذلك هو بداية للقبول بالرواية الاسرائيلية ، بكل حال ان نظريات الاحتلال الامنية الهادفة الى تحييد الضفة الغربية ومنع الانفجار فيها وصلت الى ملاحقة النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي حيث تم اعتقال عدد منهم تحت دعوى التحريض على العنف وتم الاتصال من قبل اجهزة امن اسرائيلية ببعض النشطاء وتحذيرهم من مغبة الاستمرار في الكتابة والنشر على هذه المواقع ، ما يحدث هو دليل على الشعور الاسرائيلي بعدم القدرة على المواجهة المفتوحة وتحديدا في الضفة التي قلنا سابقا ان الاحتلال يراها عمقا استراتيجيا له ولا يريد لهذا العمق ان يتحول الى ساحة مواجهة معه .