يزداد اهتمام المصريين بقضية سد النهضة، يوما بعد يوم، وفي المقابل تزداد ثقتهم في القيادة السياسية على إدارة هذا الملف بكل سلاسة وروية، مع نجاح الدبلوماسية المصرية بقيادة الرئيس السيسي في عديد من الملفات الإقليمية والدولية، التي استطاعت إنهائها بكل أناقة دبلوماسية.
تستعرض لكم أوان مصر، في الذكري السابعة لتولي الرئيس السيسي قيادة البلاد، كيف استطاع يطوق إثيوبيا بكماشة دبلوماسية وتحركات أمنية أعادت لمصر ثقلها في القارة السمراء.
نجاحات الخارجية المصرية:
كانت مصر حصنا حصينا لكل التهديدات التي سيقت للمنطقة العربية، بدأ من موقف مصر ضد هدم الدولة السورية، مرورا بتحديات الدولة الليبية التى بدأت في استعادة الليبين لبلادهم، وإدارة ملف التهدئة بين الفلسطنيين والإسرائليين، بما سلم الأشقاء في غزة من العدوان، ها هي توجه الدفة نحو الجنوب للقضية الأهم والأصعب للدبلوماسية المصرية.
تطويق أثيوبيا:
عملت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى تطويق إثيوبيا وتضييق الخناق عليها، من خلال اتفاقيات أمنية مع دول الجوار الإثيوبية للحفاظ على حقوق مصر والسودان المائية، ومنع أي ضرر قد يلحق بمصر جراء بناء وملء السد، فعقدت القاهرة اتفاقات أمنية مع السودان، كينيا وجيبوتي وبروندي، تهدف لكشف الموقف الإثيوبي كاملا أمام الأعين المصرية.
ترتيب الخيارات
مناورات عسكرية مع السودان:
في 6 من أبريل من العام 2021، تم الإعلان فشل مفاوضات كينشاسا، والتي أطلق عليها “مفاوضات الفرصة الأخيرة، بين مصر والسودان إثيوبيا بخصوص سد النهضة، ليخرج الرئيس السيسي بعدها بيوم قائلا” بقول للأشقاء في أثيوبيا بلاش إننا نصل إلى مرحلة أنك أنت تمس نقطة مياه من مصر، لأن الخيارات كلها مفتوحة”.
لتبدأ القاهرة ترتيب خيارتها واستمرار أعمالها الدبلوماسية، فقد بدأت مصر لأول مرة منذ عقود إعادة توجيه اهتمامها العسكري جنوب القاهرة، وفي مطلع مارس 2021 وقعت مصر مع السودان اتفاقا أمنيًا.
ثم نفذ الجانبان مناورتين عسكرتين، أحدهما جوية وهي مناورة (نسور النيل) مطلع شهر إبريل الماضي للعام الجاري 2021، والأخري مناورة (حماة النيل)، كمناورة جوية وبرية في مايو 2021 .
ووصف نائب رئيس أركان الجيش السوداني الفريق مجدى إبراهيم تلك المناورات، بأنها تدريبات ليست معنية بشئ محدد، لكنننا –في إشارة إلى الجانب المصري والسوداني- نسعى للاستفادة من خبرات الأخرين لنكون مستعدين لدفاع عن حقوقنا لأبعد الحدود”.
اتفاقية أمنية مع أوغندا:
وبعد يومين من فشل مفاوضات كينشاسا، وقعت مصر مع أوغندا، اتفاقية أمنية لتبادل المعلومات العسكرية، وقد نصت الاتفاقية أن البلدان سيتبادلان المعلومات الاستخبارتية على أساس منتظم، ودعا ذلك قول نائب رئيس الاستخبارات المصرية اللواء أيمن بديع، قوله ” ما يؤثر في الأوغنديين سيؤثر بشكل أو بأخر في مصر”.
تعاون عسكري مع كينيا وبوروندي:
بعدها كذلك بيومين توجه وفد عسكري إلى بوروندي، أحدي دول منبع النيل، لتوقيع تعاون عسكري مشترك بين البلدين، وقد أكد الجانبان تطابق الرؤي بخصوص الموضوعات التي تمس المصالح المشتركة للقوات المسلحة بين البلدين.
وبالرجوع إلى الأعوام الأخيرة، نجد أن القاهرة حرصت على التعاون العسكري مع نيروبي، فقد وقعت مصر وكينيبا اتفاقية لتوريد أسلحة ومعدات عسكرية، ثم في 26 من مايو 2021 وقع الجانبان اتفاقية فنية بخصوص التعاون الجماعي لتعميق الشراكة بالأمور ذات المنفعة المتبادلة، حسب بيان من وزراة الدفاع الكينية.
زيارة تاريخية لجيبوتي:
بعدها بيوم وصل الرئيس السيسي إلى جيبوتي في أول زيارة من نوعها لرئيس مصري، للبلد العربي، الذي يطل على البحر الأحمر والخليج العربي، ويعد أحد المنافذ التي تتعاون معها أثيوبيا، الدولة الحبيسة، للاتصال بالبحار وإدراة اعمالها التجارية عبره.
وكان أحد أهداف الزيارة التعاون الأمني والعسكري، فقد أعلن السيسي إقامة مصر قاعدة لوجييستية بجيبوتي.
تحركات أخرى:
قبل ذلك كانت مصر قد عززت تعاونها مع دولة جنوب السودان، بإرسال قوات حفظ سلام، مصرية، أعقبها زيارة للرئيس السيسي في 2020 إلى جوبا للقاء الرئيس سيلفا كير وبحث ملف سد النهضة والتعاون العسكري بين البلدين.
وفي عام 2020 أيضا، ناقش الرئيس السيسي مع رئيس أريتريا أسياس أفورقي العلاقات العسكرية بين البلدين وتطورات ملف سد النهضة.
وفي 8 من مارس لهذا العام، أصدر السفير الصومالي الجديد بالقاهرة بياناٌ، أعرب فيه عن استعداد الصومال لبدء تقارب مع مصر.
الامريكان لن يتركوا الامر يخرج عن السيطرة:
وقد تواصلت «أوان مصر» مع الوكيل الأسبق للمخابرات العامة المصرية اللواء محمد رشاد، للحديث عن التحركات المصرية في منطقة القرن الأفريقي، التي تتزامن مع تأجج الأزمة بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، حول قضية سد النهضة.
ويبرز الدور الأمريكي في إدارة الملف، بعد تدويل القضية من مصر والسودان، لإيقاف التعنت الإثيوبي حول الوصول لاتفاق ملزم لملء وتشغيل سد النهضة.
ويرى اللواء محمد رشاد أن الولايات المتحدة الأمريكية، قادرة كوسيط دولي على تحقيق حقوق دول المصب مصر والسودان.
وأضاف “إن أمريكا تقوم بدور كبير في سير عملية التفاوض، ونعول على الدور الأمريكي لحل المشكلة واستئناف المفاوأضات مرة اخرى بعد ما توقفت خلال فترة تواجد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب”
واستكمل وكيل المخابرات العامة المصرية في تصريحه لـ أوان مصر قائلًا: «اعتقد ان الأمريكان لن يتركوا الامر يخرج عن السيطرة، في منطقة القرن الأفريقي، لأن أي موقف يخرج عن السيطرة سيوثر على المصالح الأمريكية في القرن الأفريقي. لذلك ستحاول أمريكا حل المشكلة، وستحاول أن ترضي كل أطراف الصراع، مصر سودان أثيوبيا».
مضيفًا أنه “لابد أن تسعى أمريكا لحل هذه المشكلة بعيدا عن أي صراعات مسلحة في القرن الأفريقي، لأن أي صراع في منطقة القرن الأفريقي سيهدد المصالح الأمريكية.
استفادات مصر من التحركات:
وعدد رشاد من أهمية نلك الإتفاقيات الأمنية والدبلوماسية مع دول الجوار لأثيوبيا، حيث أوضح أن تلك التحركات تعمل على زيادة النفوذ المصري في القارة الأفريقية، ويؤكد سيادة في منطقة القرن الأفريقي، فهي من انشأت منظمة الوحدة الأفريقية التي لها دور كبير في القارة الأفريقية،
وثمن وكيل المخابرات العامة الأسبق، التحركات المصرية التي أعاد لمصر دورها، وقال” أن مصر تحاول أن تمد نفوذها للدول الأفريقية كما كانت من قبل لإن مصر تركت تلك الفراغات التي احتلتها إسرائيل بالدرجة الأولي”.
وأوضح رشاد كل تلك الاتفاقيات لها تأثير مباشر، لتحسين الوضع التفاوضي في أزمة سد النهضة، حيث إن التحركات المصرية كلها تدور في فلك منطقة الصراع، كل الدول التي زارها الرئيس عبد الفتاح السيسي، هي قريبة من دائرة الصراع وتحمل بعدا مهما كونها دول جوار لإثيوبيا.
كشف الموقف الإثيوبي:
وأضاف أن هذه التوافقات تستهدف محاصرة الجانب الإثيوبي، وحتى تضغط هذه الدول على أديس أبابا، لكشف الموقف الإثيوبي بالنسبة لمصر.
وحول تعنت الموقف الإثيوبي المستمر، قال رشاد أن هناك اتفاقات دولية وعلاقات دولية تجبر أثيوبيا على الموافقة علي الوصول لاتفاق ملزم، خاصة مع دعم الموقف الدولي والموقف الأمريكي لحل الأزمة.
واستطرد رشاد “قضية سد النهضة بالنسبة لمصر حياة أو موت، وهدف مصر والسودان هو الوصول إلى اتفاق ملزم لملء وإدارة السد، ولا يمكن لأثيوبيا التراجع فيه، وستكون أمام مسئولية دولية وإقليمية، فهو موضوع مرتبط بمصير شعوب”.
إثيوبيا ستعاني في الملء الثاني:
ويتوقع رشاد أن هناك صعوبات كبيرة لدى أثيوبيا لإنجاز الملء الثاني لسد النهضة بهدوء أو كفاءة.
وأتم الوكيل الأسبق للمخابرات المصرية أن ملف سد النهضة هو ملف حيوي للدولة المصرية، مؤكدا أن المنظومة الرئاسية تعمل على هذا الملف بكل قوة، لأنه ملف حياة أو موت.
المصدر اوان مصر