موقع مصرنا الإخباري:
العالم يتابع حاليا أكبر بطولتين في كرة القدم تقامان في توقيت واحد، هما بطولتي أمم أوروبا-يورو2021- وكوبا أميركا في اميركا اللاتينية والتي تقام حاليا في البرازيل.
المتوقع أن هناك أكثر من ربع سكان الكرة الأرضية يتابعون البطولتين. البسطاء أمثالنا ينشدون المتعة والجمال في اللعبة في قمة مستوياتها الأوروبية والأميركية. لكن هناك من ينظر ويتعامل مع كرة القدم بوجه آخر متجاوزا المشاهدة وتحقيق المتعة.
هناك من أصبح يتاجر بكرة القدم مثلها مثل تجارة السيارات والعملات والعقارات وغيرها. تحقق المكاسب بالمليارات علاوة على مكاسب آخرى تصل الى حد المكاسب السياسية..!
كرة القدم أصبحت وثيقة الصلة بالتجارة والاقتصاد منذ بدء تنظيم البطولات الدولية ولا ننسى استغلال الزعيم الألماني ادولف هتلر لكرة القدم والأولمبياد لحصد مكاسب سياسية وشخصية لفترة حكمه.
ولا ننسى أيضا التدخلات السياسية من أجل تنظيم كاس العالم عام 78 في الأرجنتين والمكاسب الاقتصادية التي حققتها أيضا بعد حالة الإفلاس التي كانت تعاني منها.
الشغف بكرة القدم واقتصادياتها وتجارتها أصاب العديد من الكتاب الذين اهتموا بهذا العلم الجديد وأصدروا عدد من المؤلفات لدراسة الظاهرة الجديدة، وخاصة بعد اثارة قضية دوري السوبر الأوروبي وطرحها سنويا كبديل لدوري ابطال أوروبا بهدف السيطرة على أرباح البث والاستفادة المادية الأكبر، فى ظل مشاركة عدد كبير من الفرق الضعيفة والمتوسطة فى بطولة الأندية الأوروبية الأعرق.
وبدت فكرة تأسيس دورى السوبر الأوروبى، مخرجا لسيطرة أغنى أندية أوروبا على اللعبة فى القارة العجوز ومن ثم فى العالم ككل، وهو ما يظهر وجها آخرا من أوجه كرة القدم، وهى سيطرة المال ورجال الأعمال فى أوروبا على اللعبة هناك،.
واحد من أشهر هذه الكتب هو كتاب اقتصاديات كرة القدم للمؤلفان سيمون كوبر وستيفان سيمانسكى ويتضمن نظرة غير مسبوقة لعالم كرة القدم وارتباطه بعلم الاقتصاد والمال، ولماذا تنجح بعض أندية الكرة القدم فى كتابة التاريخ بينما تفشل الكثير منها فى ذلك؟ هل الاستثمار المالى الكبير هو سبيل للنجاح الكروى وتحقيق الألقاب؟ ما السبب وراء تفوّق أبناء الأحياء الفقيرة فى عالم كرة القدم؟ هل يمكن لدولة صغيرة أن تتبع خطط مدروسة وتحقق النجاح فى البطولات العالمية أم هل تعتبر المواهب الكروية هى العامل الأهم فى ذلك؟ لماذا تفشل أندية العواصم الأوروبية الكبرى فى تحقيق دورى أبطال أوروبا؟ كلها أسئلة يجيب عنها كتاب اقتصاديات كرة القدم.
ويؤكد الكتاب كذلك على أهمية استخدام الاحصائيات والمعلومات فى عالم كرة القدم حاليًا، وكيف استخدمت الفرق الأوروبية هذه الأساليب لدراسة كرة القدم والتفوق على نظرائها من أمريكا الجنوبية، كذلك يتطرق الكتاب للحديث عن الأرباح، وحجم الأعمال التى تأتى من أرباح كرة القدم، مشيرا إلى أن اللاعبين ووكلاؤهم هم من يأخذون أكبر حصة أما الأندية فهى غالبا ما تكون مديونة للبنوك، موضحا أنه إذا صرف نادِ 300 مليون دولار لجلب اللاعبين ثم يكون دخله 350 مليون فربحك 50 مليون، هو رقم صغير مقارنة بحجم الاستثمار.
كتاب آخر مثل كتاب “كرة القدم بين الشمس والظل” للمؤلف إدواردو جاليانو وترجمة صالح علماني يرى إن كرة القدم، هي مرآة للعالم. وهي تقدم ألف حكاية وحكاية مهمة. فيها المجد والاستغلال والحب والبؤس، وفيها يتبدى الصراع بين الحرية والخوف
ويعيد جاليانو إلى بؤرة الضوء حشداً كبيراً من الذكريات واللحظات الساحرة، تلك التي تنسينا أن كرة القدم الاحترافية “هي رهن بقوانين السوق”. ويقول :”إنهم يلعبون اليوم من أجل الربح، أو لمنح الخصم من الربح، وهذا هو الأسوأ، ولكن يظهر على الدوام بين اللاعبين أناس يجعلون الوهم ممكناً.
وفى مصر اهتم الأكاديميون أيضا بتأليف كتب عن الرياضة والاقتصاد مثل الدكتور كمال درويش رئيس نادي الزمالك الاسبق، والذي يؤكد في كتابه ان الرياضة” أصبحت فى عصرنا الحديث أحد فروع الاقتصاد الحديث، حيث أن ممارسة النشاط الرياضي ذات أهمية اقتصادية”
في كاس العالم الأخيرة في روسيا بذلت السياسة الروسية جهودا جبارة لاستضافة البطولة لتحقيق المجد من طرفيه السياسي والاقتصادي. في الجانب الاقتصادي، أعلنت روسيا عن قيمة أرباح تنظيمها لنهائيات كأس العالم 2018. وكشفت رئيسة رابطة وكلاء السياحة الروسية، مايا لوميدزه، عن تجاوز إيرادات الاقتصاد الروسي من البطولة 850 مليار روبل (13.5 مليار دولار أمريكي).
البطولة أسهمت في الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنسبة 1%، إضافة إلى إسهام المونديال بتوفير 220 ألف فرصة عمل في البلاد. واستقطبت المدن الروسية، حوالي 5.7 ملايين مشجع، نصفهم أجانب، في حين أعلن مصرف “سبيربنك” الروسي، أن إنفاق السياح الأجانب خلال المونديال بلغ 5.1 مليار دولار، أكثرهم إنفاقًا كان الأمريكيون بـ 90 مليون دولار.
وفى عام 2002 تسبب تنظيم اليابان لكاس العالم مناصفة مع كوريا الجنوبية الى زيادة في إجمالي الناتج القومي في اليابان بمقدار 13 مليار يورو (16.5 مليار دولار)
أما في بطولة أوروبا الحالية فقد ارتفعت جوائز العام الحالي للدورة الحالية بنسبة 24% عن البطولة السابقة قدم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم 371 مليون يورو لكل المنتخبات المشاركة-24 فريق بحيث سيجني البطل 10 مليون يورو والوصيف 7 مليون يورو ومن يصل الى نصف النهائى 5 ملايين يورو وربع النهائى 3.25 مليون يورو ودور الستة عشر 2 مليون يورو، علاوة على 1.5مليون يورو لكل فوز بدور المجموعات و750ألف يورو لكل تعادل بدور المجموعات
أي أن الفريق الفائز بالبطولة سيصل حجم ما يحصل عليه 34 مليون يورو
كرة القدم صارت صناعة وتجارة واقتصاد وفلوس كتير ، لمن يفهم سر هذه الصناعة وأهمية هذا الاقتصاد للدولة ولصورتها وسمعتها في الخارج.
بقلم عادل السنهوري