موقع مصرنا الإخباري:
أدعو من جديد جموع الشعب المصري العظيم، أذكره ونفسي بأننا شعب مؤمن بالفطرة وأن النظافة من الإيمان.
فهل لنا أن نفعل هذا الجانب من الإيمان بعد أن تم تجاهله والتغاضي سهواً أو عمداً عن مدى أهميته لصحة وسلامة الإنسان بالمجتمع وخاصة الأطفال؟
فقد تحدثت سابقاً عن تجربة رواندا الشهيرة بمسألة النظافة، ذلك بعد تدميرها بالكامل خلال سنوات الحرب الأهلية والمذابح المروعة ومدى قوة إرادة وتصميم شعبها وفطنته إلى ضرورة إعادة البناء السريع والتحول الإرادي من دولة أنهكتها ودمرتها نيران العصبية والقبلية والتخلف إلى دولة يضرب بها المثل فى النظافة و مزار سياحي عالمي ومعدلات تنمية اقتصادية عالية بشكل يرفع له القبعة.
ولكن رواندا ومن مثلها من دول صغيرة الحجم قليلة السكان قد تصبح مثل هذه التجارب فيما يخص الإرادة والثقافة الشعبية ناجحة فعالة لأنها داخل نطاق السيطرة وسهولة التطبيق.
ومن رواندا وتونس إلي الإمارات العربية المتحدة التي تبلغ من العمر تسعة وأربعين عاماً، تحولت خلالها من صحراء بدوية إلى مدن عالمية تزينها ناطحات السحاب كأكبر وأهم المزارات السياحية العالمية.
وفى دولة كالإمارات نجد بها التجربة مختلفة، حيث لعب دور الحكومة والرقابة المشددة والقوانين الصارمة التي لا تستثني أحدا والغرامات الموجعة، الدور الأكبر فى التزام واحترام الجميع لكل أوجه وأسباب هذا التطور العظيم، وعلى رأسه النظافة التي لا تخطئها عين.
أما عن مصر كدولة كبيرة مترامية الأطراف مكتظة بالسكان الذين تخطوا حاجز المائة مليون نسمة، فالمسألة ليست بالسهولة التي قد تحققها الإرادة والثقافة الشعبية أو القوانين والرقابة والغرامة وغيرها من الأساليب التي اتبعتها غيرها من الدول ونجحت بها..
ولكن :
هل ننتظر أن تخصص الدولة وزارة خاصة للنظافة أو قطاعا جديدا بوزارة الداخلية للرقابة على النظافة وفرض الغرامات القاسية والتفرغ لمتابعتها، أم نطالب الشرطة والجيش بترك ملاحقة المجرمين و محاربة الإرهاب وإقرار النظام و توفير الأمان والتفرغ لملاحقة الخارجين علي قانون النظافة المزمع؟
فالحل الأمثل أن نترك الدولة للتفرغ بما يثقل كاهلها من مهام ومسؤوليات لا أول لها من آخر وإصلاح. ما أفسدته سنوات الثورة وتوابعها التي لم تنتهي بعد.
ولنكن لوطننا عوناً لا معوقاً، و ليبدأ كل منا بنفسه و نظافته الشخصية و بيته و أولاده الذين سيأخذون عنه هذه العادات، وبأنحاء منزله و هذا أضعف الإيمان .
فإن قام عدد من الأشخاص في شارعٍ ما بهذا السلوك، حتماً سيصاب بعض الآخرين ممن يسكنون نفس الشارع بالخجل و البعض الآخر بالعدوي الإيجابية و الحماس الجمعي الذي له التأثير الأكبر في مثل هذه الأمور التي تستلزم الحماس و الإقبال .
ثم إن نجحت التجربة و تم تفعيلها بأحد الشوارع سرعان ما ستنتقل لباقي شوارع المنطقة المعينة عن طريق العدوي أو الخجل سيان.
فكل ما يعنينا هنا هو التفعيل والانتشار الذي هو الحل الأمثل وربما الأوحد في مجتمع كبير مترامي الأطراف متعدد الطبقات مختلف الثقافات مثل مجتمعنا ، تصعب به إحكام عمليات الرقابة و إقرار الغرامة كما يحدث بالإمارات، لكن من السهل إيقاظ ضميره الجمعي وحسه الوطني وإيمانه الفطري.
فعندما تم إقرار غرامة مالية تخص القاء القمامة و مخلفات المباني بالشوارع، للأسف لم تفلح و لم تتفعل نظراً لأن صغار الموظفين هم من يفسدون جميع الأمور فمنهم الموالي و منهم المرتشي و منهم من لا يقوم بأداء واجبه، ما أفسد الفكرة و حولها إلي مجرد حبر علي ورق.
أما إن كانت الرغبة نابعة من داخل المواطن نفسه وخالصة لوجه الله والوطن، فلن يحتاج آنذاك إلي رقيب سوي ضميره فحسب.
وعندما تنتشر الفكرة و تدخل حيز التنفيذ الفعلي و تتناقلها الأخبار.
ربما يتوقف خجلاً قطاع أصحاب السيارات الفارهة الذين نراهم بأعيننا يفتحون النافذة هم أو أولادهم ليقذفوا بأكياس القمامة بالشوارع و الطرقات العامة كثقافة اعتادوها و علموها بطريق غير مباشر لذريتهم !
نهاية :
أتوجه بدعوة عامة لجميع المصريين المؤمنين بالحفاظ على صحتهم و صحة أولادهم واتقاء الأمراض والأخطار ومن قبلهم الله عز و جل بالنظافة ثم النظافة
كما أدعو كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة و المرئية بجانب وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لنشر تلك الدعوة بكثافة حتي نستطيع توصيلها لكل ربوع مصر وتغطيتها من باب التشجيع في البداية إلي أن تدور العجلة و تدفع نفسها بنفسها لتتحول فيما بعد إلي رغبة و إرادة و ثقافة شعب كبير عريق .
ملحوظة :
حدثني أحد الأصدقاء عن زيارته التي جاءت بالصدفة لحي الأسمرات الذي تم بنائه لسكان العشوائيات، وقد كان حقاً منبهر بجمال الحي وتناسق مبانيه وكم الخضار والحدائق العامة التي تتوسط المباني، وتواجد معظم الخدمات المطلوبة.
ولكن:
قالها بالنص دون أن أغير كلمة من كلماته بأخرى:
“بس للأسف الناس اللي هناك في منتهي الإهمال والعشوائية واللامبالاة اللي كفيلة بإنها تحول المكان الجميل الراقي المنظم إلي عشوائية جديدة”.
إلى لقاء جديد وحديث غير منقطع عن النظافة.