قال نائب وزير الخارجية الجنوب سوداني دينق داو دينق، إن بلاده تخطط لتحقيق حلم تطمح لتحقيقه منذ عقد من الزمان لبناء سد كبير على نهر النيل، لتوفير كهرباء رخيصة والمساعدة في منع الفيضانات المدمرة.
وأضاف نائب وزير الخارجية الجنوب سوداني، في مقابلة مع صحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية الناطقة باللغة الإنجليزية أن «بلاده لديها المال والدافع إلى بدء التصنيع بعد نهاية الحرب الأهلية».
وتابع الوزير، في المقابلة التي عقدت بالعاصمة جوبا، قبل الذكرى العاشرة لتأسيس دولة جنوب السودان، الأحدث في العالم، إن «بلادنا تعاني من الفيضانات ونقص الكهرباء وندرة المياه وضعف البنية التحتية، والمشروع جزء من خطة الحكومة، وسيتم تمويله من عائدات النفط».
واستطرد: «انظر إلى بلدنا اليوم، معظم جنوب السودان تغمره الفيضانات بينما نتحدث، وولاية أعالي النيل مغمورة بالمياه، ولم تتح لنا الفرصة كدولة للتفكير والتخطيط، ويجب أن ننظر إلى احتياجات السكان، والصناعات المتنامية».
تفاصيل السد :
وحول تفاصيل السد قال دينق، إن «وزارة الري أصدرت تعليمات لبدء إجراء دراسات أولية للمساعدة في إعداد خطط البناء، بما في ذلك مدى ارتفاع السد، وحجم الخزان خلف جسم السد وعدد التوربينات التي يمكنها تشغيلها».
وتابع: «سنأخذ في الاعتبار، عند بناء السد، الأثر البيئي والعامل الهيدرولوجي (الخاص بالمياه الجوفية) واستدامة ذلك، والأضرار والمشكلات المتوقعة».
ويقع جنوب السودان إلى الغرب من إثيوبيا وفي شماله السودان ومصر، ويتدفق النيل الأبيض عبر البلاد – وهو أحد الروافد الرئيسية التي تغذي نهر النيل، الذي يلتقي ويمتزج بالقرب من الخرطوم بالنيل الأزرق الذي يتدفق من المرتفعات الإثيوبية.
وتضرب الأمطار الموسمية ولايات جنوب السودان العشر لمدة 7 أشهر على الأقل من العام، وترسل شلالات هائلة من المياه إلى النيل الأبيض، ولكنها تسببت أيضًا في حدوث فيضانات.
مشكلات متوقعة
وحول احتمالية تسبب السد في صدام مع دولتي المصب مصر والسودان، كما تسبب سد النهضة في إثيوبيا، قال إن «استخدام موارد المياه من حقنا السيادي، ولا ينبغي أن تكون مياه النيل لعنة، بل سلعة سلمية وهبها الله للمنطقة».
وتابع: «وجهة نظرنا، كحكومة، نشجع مصر والسودان وإثيوبيا على المناقشة وإجراء حوار أفضل للوصول إلى حلول مقبولة، واستيعاب مخاوف السودان ومخاوف مصر».
ولفت إلى أن «أي مصدر للمياه يمكن أن يسبب مشكلة لمعظم البلدان لكننا لا نشجع على الحل العسكري للأزمة – لأنه لا ينبغي أن يكون هذا هو الحل».
وبحسب الصحيفة، فإن المسؤولين في مصر، الذين لم تحددهم، رفضوا التعليق على المشروع المزمع تنفيذه.
لكن المتحدث باسم وزارة الري السودانية، أسامة أبوشنب، قال: «هذه أول مرة أسمع فيها عن هذا السد».
وأضاف: «لم أتلق أي معلومات عن خطط لبناء سدود في جنوب السودان، وكانوا سيبلغوننا إذا كانت لديهم مثل هذه الخطط».
وأكد أن «جنوب السودان لن ينفذ خططًا لبناء سدود على النيل الأبيض دون إخطارنا نحن والمصريين».
لدينا المال
وتثير تصريحات الوزير التساؤلات بشأن مصدر تمويل السد، نظرًا لأنه رغم التوصل لاتفاق سلام لإنهاء الحرب الأهلية، فإن البلد لا يزال يخضع لعقوبات دولية خانقة، كما أن كبار المسؤولين الحكوميين يخضعون لعقوبات من الولايات المتحدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والفساد.
لكن الوزير قال إن «جنوب السودان يخطط للحصول على استثمارات أجنبية للمساعدة في بناء السد من الصين بشكل أساسي».
وأضاف أن «الصين كانت المستثمر الأجنبي الرئيسي في البلاد على مدى العقد الماضي، ولدينا مشاريع مشتركة ضخمة أطلقتها مؤسسة البترول الوطنية الصينية المملوكة للدولة».
وأشار إلى أن «عائدات النفط تمنح بلادنا المال لبناء السد على النيل، ولدينا موارد وطنية هائلة كالمعادن والغابات والزراعة والثروة الحيوانية والموارد البشرية.. لدينا المال».
في الوقت نفسه التقى الدكتور محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والري، الرئيس سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان، في ختام زيارته الرسمية لدولة جنوب السودان الشقيقة، ونقل له تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وتناولت المباحثات الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، مشيراً إلى أن الدعم المصري لدولة جنوب السودان يمتد لسنوات طويلة ماضية تعكس العلاقات الأخوية التي تربط الشعبين الشقيقين.
وخلال اللقاء أكد الدكتور عبدالعاطى على أهمية تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين من خلال تنفيذ العديد من الإستثمارات في مجالات السياحة والطرق والطاقة، وبما ينعكس بالنفع على المواطنين في دولة جنوب السودان، بالإضافة لتقديم الدعم المصري لدولة جنوب السودان لتطوير قطاعي الموارد المائية والزراعة مما يدعم توفير إمدادات مياه الشرب للأهالي والثروة الحيوانية لتوفير احتياجات اشقائنا في جنوب السودان.
كما استعرض الدكتور عبدالعاطى قضية سد النهضة الإثيوبي، وفند الادعاءات الإثيوبية بأن هذا السد سيوفر الكهرباء لدولة إثيوبيا والدول المجاورة لها، مشيراً في الوقت ذاته لتناقض تصريحات المسئولين الإثيوبيين الذين يتحدثون عن أهمية السد في توفير الكهرباء للشعب الإثيوبي المحروم من الكهرباء في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الإثيوبية لتصدير هذه الكهرباء للخارج.
وفي إطار تعزيز علاقات التعاون بين البلدين الشقيقين، واستمراراً للمشروعات التي تقوم مصر بتنفيذها في مجال إزالة الحشائش من المجاري المائية والحماية من أخطار الفيضانات، قام الدكتور عبدالعاطى والسيد/ مناوا بيتر وزير الموارد المائية والري بدولة جنوب السودان بتوقيع مذكرة تفاهم مشتركة بين البلدين لتنفيذ مشروع جديد للحد من مخاطر الفيضان بحوض بحر الجبل، والذي يهدف لحماية المدن والقرى الواقعة بحوض بحر الجبل من أخطار الفيضانات من خلال التدخل السريع بتنفيذ أعمال التطهيرات بمناطق الاختناقات بالمجرى المائي لبحر الجبل بالإضافة لتقوية الجسور الضعيفة أمام المدن والقرى المعرضة للفيضانات.
كما التقى الدكتور عبدالعاطى بالسيدة/ نادية أروب وزيرة الثقافة والمتاحف والتراث بدولة جنوب السودان.. حيث وجه الدكتور عبدالعاطى الدعوة للسيدة الوزيرة للتنسيق المشترك لعمل أنشطه ثقافيه للفن الجنوب سوداني في مصر، ووضع بعض المقتنيات التي تعبر عن الثقافه الجنوب سودانية بالمركز الثقافى الأفريقى الواقع بمتحف النيل بأسوان، والذى أنشأته وزارة الموارد المائية والرى، ويضم خمس مساحات متنوعة تحتوى كل منها على لوحات ومقتنيات وأفلام وثائقية للدول الأفريقية، ويحتوى على مكتبة وثائقية تضم العديد من الكتب والألبومات الأثرية والتاريخية التي تحكى تاريخ النيل، بالإضافة لمسرح مفتوح بجوار المركز.
الجدير بالذكر أن الدكتور عبدالعاطى التقى خلال زيارته لجوبا مع نواب رئيس الجمهورية وعدد من كبار المسئولين بدولة جنوب السودان، حيث التقى سيادته بالنائب الأول لرئيس الجمهورية، ونائب رئيس الجمهورية المسؤول عن الملف الاقتصادي، ونائب رئيس الجمهورية المسؤول عن قطاع البنية التحتية، ومستشار رئيس الجمهورية للأمن، ووزراء الشؤون الرئاسية، والموارد المائية والرى، والمالية، والكهرباء والسدود، والخارجية، والثقافة، والإعلام، ونائب وزير الخارجية، كما التقي بعدد من المستثمرين المصريين العاملين في مجالات تحلية المياه ومحطات الكهرباء.