إذا قادتك قدميك قبل عدة سنوات من الآن للسير بمحيط “سور مجرى العيون” بمصر القديمة، كنت بالطبع تتأذى من الرائحة الكريهة المنبعثة من القمامة المتراكمة بالمكان، فضلًا عن التشويش البصري الذي تصاب به جراء المشاهد القبيحة، وربما لا يخلو الأمر ليلًا من “شاب” يدخل سيجارة “حشيش”.
هذه المشاهد الصادمة من عشرات السنوات، انتهت تمامًا، وتحولت لمشاهد جمال وأناقة، مثل كل شيء يتطور في بلادنا، حيث يد الجمال تطول كل شيء، فضلًا عن إعادة الوجهة الحضارية للعاصمة مرة أخرى من خلال إعادة تخطيط المناطق العشوائية وتحويلها لمناطق جذب سياحي يبرز ما تتميز به العاصمة من تاريخ وحضارة وتراث.
الذي يتجول في القاهرة، الآن، يلاحظ أعمال تطوير خاصة فى المناطق التاريخية تستهدف إعادة الشكل الحضارى والمجد التاريخى للعاصمة، ومن أهم المناطق التى تشهد أعمال تطوير، منطقة المدابغ المحيطة بسور مجرى العيون بمصر القديمة، والتى تشهد تنفيذ مشروع سكنى ترفيهى على مساحة 95 فدانا كمرحلة أولى، وتشرف على تنفيذها هيئة المجتمعات العمرانية المالكة للمشروع، ومن المقرر ان يتم استكمال أعمال التطوير بطول سور مجرى العيون ليصل إلى كورنيش النيل.
الرائع في الأمر، أن المشروع به محورين أحدهما ترفيهى والآخر سكنى، حيث يضم المحور الترفيهى عددا من المطاعم والكافيهات والأسواق المصرية والمسارح والسينمات والاستوديوهات الفندقية، كما يتم تنفيذ 79 عمارة سكنية على الطراز الإسلام بمحيط المحور الترفيهى.
حقًا، هذه المنطقة تشهد تحول عبقري، من خلال إنشاء 4 أدوار بالمحور الترفيهى على مساحة 52 ألف متر بإجمالى مسطح 163 ألف متر تقريبا للأدوار الأربعة، تشمل جراج ودور أرضى وأول “مسارح وسينمات ومحال ومطاعم”، والطابق الثانى يضم غرف فندقية، بالإضافة إلى تنفيذ مسرح مكشوف على مساحة 4 آلاف متر تقريبا، ويتم تنفيذ الجزء الثانى من المشروع “المحور السكنى”، بالتزامن مع تنفيذ المحور الترفيهى لتحيط العمارات السكنية المحور الترفيهى، كما يتم تنفيذ التشطيبات للوحدات بالتوازى مع أعماى الانشاء، ويبلغ عدد الوحدات ما يقارب 1286 وحدة سكنية ، تصل مساحة الوحدة السكنية لـ 150 مترا بالخدمات وبدون الخدمات 125 مترا.
أعتقد، أن هذا المكان سيكون منطقة جذب سياحي يبرز ما تتميز به العاصمة من تاريخ وحضارة وتراث، وذلك بعد نقل المدابغ، لا سيما في ظل الاتجاه لتنفيذ منشآت على الطراز الإسلامي القديم، من بينها أسواق متنوعة تشمل منتجات الحرف التراثية مثل الخيامية و المغربلين والصاغة والنحاسين وغيرها من المنتجات التى اشتهرت بها القاهرة التاريخية، بالإضافة إلى الأسوق المتنوعة الأخرى، كما يتم إنشاء منطقة للمسرح والفنون بها مسرحين أحدهما مكشوف ودور للسينما، وسيكون على الشكل الإسلامى، بالإضافة إلى إنشاء نافورات تزينه المنظر الجمالى، كما سيتم إنشاء خان للحرف اليدوية، وفنادق بنظام ستوديوهات ومقاهى ومطاعم ومناطق ترفيهية بالإضافة إلى تنوع المطاعم التى سيتم إنشاءها وسيكون أغلبها مطاعم مصرية بجانب المطاعم الأخرى.
بلادنا تتطور، وتتغير للأفضل، ويد العمل لا تتوقف في كل شبر من أرض المحروسة، وما بين مشروعات ضخمة، وشبكة طرق عملاقة، تجد الجمال حاضرًا في مصر القديمة، لتتواكب مع “الجمهورية الجديدة”.
بقلم محمود عبدالراضي