موقع مصرنا الإخباري: لو حدثت مثل هذه الغارات الجوية ضد “إسرائيل”، لكان الرد مختلفًا تمامًا، حيث كانت الدعوات إلى فرض العقوبات وعزل المسؤولين دبلوماسيًا وملاحقتهم قضائيًا هي أسلوب العمل القياسي للحكومات الغربية.
أصبح سعي “إسرائيل” لتوسيع مسرح الإبادة الجماعية وزعزعة استقرار الشرق الأوسط واضحًا من خلال حملة القصف المتواصلة للبنان. أسفرت الهجمات في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك العاصمة بيروت، عن مقتل المئات، بما في ذلك النساء والأطفال، وهي مثال كلاسيكي للعدوان ضد دولة أخرى ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة.
لقد كشفت هذه الوحشية من نظام نتنياهو عن أسطورة “إسرائيل” باعتبارها “دولة متحضرة” تلتزم بالمعايير الديمقراطية، ولها ما يسمى بالحق في “الدفاع عن نفسها ضد العدوان اللبناني”. في الواقع، إنها توضح كيف أن “إسرائيل” دولة جنونية وعدوانية ومارقة تنتهك القانون الدولي بسهولة من خلال مهاجمة دولة أخرى ذات سيادة.
بينما تم إدانة عدوان “إسرائيل” على الشعب اللبناني على نطاق واسع في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2024، فإن اللامبالاة الإجرامية والصمت المطبق من جانب الحكومات الغربية تجاه انتهاك “إسرائيل” للسيادة اللبنانية وقتل الشعب اللبناني أمر واضح.
الهجمات على لبنان تشكل إرهابًا – أين الإدانة؟
حتى الآن، تدور الرواية في الغرب حول الإلحاح على تنفيذ وقف إطلاق النار، وهو أمر مهم بلا شك. ومع ذلك، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية وهجمات أجهزة النداء تعني أن نتنياهو شن حربًا ضد دولة أخرى ذات سيادة، وذبح شعبها، وأخضع سكانها. إن جهود وقف إطلاق النار أصبحت بلا جدوى أيضاً، حيث قام نتنياهو بتهميشها وأصبح أكثر اهتماماً بتدمير وتشريد سكان لبنان.
من الواضح أن تصرفات “إسرائيل” تشكل إرهاباً، حيث أن هجماتها على لبنان تنتهك العديد من المعاهدات والبروتوكولات الدولية التي وقع عليها النظام الصهيوني.
ومع ذلك، باستثناء الدعوات لوقف إطلاق النار، لا توجد صرخة أو دعوة لمحاسبة النظام الإرهابي.
الدعم الأميركي لا يزال قائماً
إذا نظرنا عن كثب، فإن العديد من تصرفات “إسرائيل” غير قانونية بموجب القانون الإنساني الدولي. خذ على سبيل المثال المادة 7 (2) من البروتوكول الثاني المعدل لاتفاقية حظر أو تقييد استعمال أسلحة تقليدية معينة، والتي تحظر استخدام الأفخاخ المتفجرة التي تجتذب المدنيين أو نشر القنابل التي لا تعرف مواقعها الدقيقة. إن الهجمات التي شنتها أجهزة النداء على لبنان والتي أسفرت عن مقتل المئات وآلاف الجرحى تشكل انتهاكاً للبروتوكول المعدل.
ومع ذلك، لا توجد دعوات لمحاسبة “إسرائيل”، على الرغم من إدانة الأمم المتحدة لانفجارات الأجهزة باعتبارها انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي. ولم يكتفِ هذا الإرهاب بدفع الداعم الرئيسي لإسرائيل في جرائمها ضد الإنسانية، الولايات المتحدة، إلى تأكيد التزامها القاطع بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. فقد صرح وزير الدفاع لويد أوستن على سبيل المثال بأن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدات العسكرية لنظام نتنياهو، على الرغم من استجوابه في مؤتمر صحفي حول ما يشكل “خطوطاً حمراء” أميركية بشأن المساعدات المقدمة لإسرائيل. وظل أوستن مصراً على أنه على الرغم من التطورات في لبنان، فإن الولايات المتحدة لن تتوقف عن تمويل إسرائيل. ويأتي هذا في الوقت الذي حصلت فيه إسرائيل على 8.7 مليار دولار في حزمة مساعدات لتمويل هجماتها على الشعب اللبناني.
والحقيقة أن الهجمات ضد حزب الله أو الشعب اللبناني لم تسفر عن رد دبلوماسي ينتقد إسرائيل ويدعو إلى فرض عقوبات على نظام نتنياهو، وهو ما لا يمكن توقعه في حالة الولايات المتحدة. كما لم يعلن أي مسؤول أميركي عن خطط لزيارة الشرق الأوسط لتهدئة التوترات، على الرغم من أن الضربات الأخيرة على لبنان أسفرت عن سقوط ما يقرب من نصف الضحايا الذين شهدناهم خلال حرب 2006 التي استمرت 33 يوماً. إن الكثير من هذا يرجع إلى هوس إدارة بايدن بتزويد “إسرائيل” بالغطاء الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري في الفترة التي تسبق الانتخابات الأمريكية حيث يسعى الحزب الديمقراطي إلى ولاية أخرى وسط استياء داخلي متزايد في الولايات المتحدة.
المعايير المزدوجة
إن حلفاء أمريكا مثل ألمانيا وإيطاليا وأستراليا ليسوا مختلفين أيضًا. كان الرد على أجهزة النداء والهجمات الجوية التي شنتها “إسرائيل” على اللبنانيين هو الدفع من أجل وقف إطلاق النار لمدة 21 يومًا والذي رفضه نظام نتنياهو بشكل قاطع. المشكلة هي أن مثل هذه الدفعات منافقة، حيث لم تدع أي من هذه الدول إلى إنهاء احتلال “إسرائيل” لغزة، أو اعتمدت تدابير لمنع مشروع الاستيطان الإسرائيلي من الازدهار. تواصل “إسرائيل” توليد الإيرادات لتمويل هجماتها ضد اللبنانيين الأبرياء إن مثل هذه الهجمات الجوية ضد إسرائيل كانت لتجعل من الصعب على الحكومات الغربية أن تتعامل مع مثل هذه الهجمات. فالعدوان الإسرائيلي على لبنان كان ليشمل المدنيين الفلسطينيين والشركات مثل شركة الإعلام الألمانية العملاقة أكسل سبرينغر، التي لا تزال منخرطة في معاملات تجارية مع المستوطنات بعد أشهر من بدء الإبادة الجماعية.
إن المعايير المزدوجة واضحة فيما يتصل بالاستجابات الدبلوماسية للعدوان على لبنان. ويمكن مقارنة هذا برد الفعل الغربي على عملية روسيا في أوكرانيا على سبيل المثال، حيث كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يدعون باستمرار إلى فرض عقوبات على نظام بوتن والسعي إلى عزل موسكو دبلوماسياً. ولكن عندما تهاجم “إسرائيل” لبنان (دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة) وتقتل مواطنين أبرياء، فإن نفس الولايات المتحدة، إلى جانب حلفائها، تظل غير مبالية إلى حد كبير بمحنة المواطنين اللبنانيين. ولو حدثت مثل هذه الغارات الجوية ضد “إسرائيل”، فإن الاستجابة كانت لتكون مختلفة للغاية، حيث كانت الدعوات إلى فرض عقوبات وعزل دبلوماسي وملاحقة المسؤولين عن ذلك ستكون أسلوب العمل القياسي للحكومات الغربية. ولكانت هناك صرخة غربية صريحة ومقاطعة كاملة للبنان، الذي يعاني بالفعل من مستنقعات أمنية واقتصادية متعددة.
ولكن عندما يتعلق الأمر بمهاجمة “إسرائيل” للشعب اللبناني، هناك صمت إجرامي ومذموم من جانب الولايات المتحدة وحلفائها.
هذا أمر مستهجن بكل بساطة.
الحرب على لبنان
العدوان الإسرائيلي على لبنان
إسرائيل
لبنان
حزب الله
المقاومة الإسلامية في لبنان