توجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، برسالة إلى الجمعية الفيدرالية الروسية، وهي الهيئة التشريعية لموسكو، طرح وناقش فيها أموراً مهمة واستراتيجية بالنسبة لبلاده، والعلاقة مع الغرب، والحرب في أوكرانيا. وأكّد بوتين في رسالته، عدم السماح لأحد بالتدخّل في السياسة الداخلية الروسية، وتحديداً الغرب، الذي يعمل بحسبه، على إضعاف روسيا من خلال سياسات الاستعمار. وذكر أنّ روسيا واجهت صعوبات سياسية واجتماعية، مؤكداً أنّ الشعب والدولة قادرون على مجاراتها وحلّ كلّ المشاكل والصعوبات التي تواجههم. وقال بوتين إنّ “روسيا مستعدة للحوار والتواصل مع الولايات المتحدة، لكن ذلك لن يحصل بسهولة خصوصاً أن واشنطن تحاربنا”، مشيراً إلى أنّ “تصريحات الإدارة الأميركية بالسعي إلى النقاش بشأن الاستقرار الاستراتيجي ليست سوى كلمات خاوية من المضمون”. وأضاف أنّ “الغرب يثير الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط ويستمر في الكذب، ويحاول نشر الدعايات بشأن اعتزام روسيا احتلال أوروبا، وسعيها لنشر أسلحة في الفضاء الكوني”، مؤكداً أنّ “كلّ ذلك هو كذب وادعاءات وافتراءات”. كما تابع أنّ “إجراءات الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها أدّت إلى تفكيك الأمن الأوروبي وهذا يخلق مخاطر للجميع”. وشدّد على أنّ “روسيا أثبتت قدرتها في الرد على أي تحدٍ”، وأنّ “الدفاع عن سيادة البلاد متواصل على مختلف الصعد العسكرية والاقتصادية والاجتماعية”. وأكّد أنّ “الغرب حاول إضعاف روسيا، لكنّه أخطأ في حساباته، والجيش الروسي يتقدّم في أوكرانيا على جبهات عديدة”. تسليح وتعزيز القدرات العسكرية الرئيس الروسي أكّد في رسالته أنّه “تم تعزيز القدرات الصاروخية والمدفعية وكذلك الأسطول البحري والجوّي لروسيا”، وذكر أنّ “كل المشاريع التسليحية التي خُطط لإطلاقها نجحت بفرض نفسها، بما فيها صواريخ (كينجال) و(سرمات) وغيرها”. وأشار إلى أنّ “القوات المسلحة الروسية عزّزت وطوّرت من قدراتها العسكرية في السنوات الأخيرة من خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا”. كما لفت إلى ضرورة تعزيز الاقتصاد خصوصاً في المجال العسكري والتسليحي لمواجهة المخاطر والتهديدات الخارجية. وقال إنه لا بدّ للغرب أن يفهم أنّ “موسكو تمتلك أسلحة قادرة على إصابة الأهداف في أراضيهم، والقوات النووية الاستراتيجية الروسية في حالة استعداد تام”. مخاض الاقتصاد وتطرّق بوتين في رسالته إلى الوضع الاقتصادي في روسيا، الذي تأثّر بفعل عقوبات واسعة فرضها الغرب عليها في إثر العملية العسكرية في أوكرانيا. وأكّد الرئيس الروسي أنّ بلاده “واجهت مخاضاً كبيراً، لكن الاقتصاد الروسي ما يزال صامداً، وروسيا تعتبر اليوم من أكبر اقتصادات العالم، والاقتصاد الأول في أوروبا والخامس في العالم”. وقال إنّ “جودة ووتيرة النمو الاقتصادي في البلاد يجعلنا على ثقة أنّ روسيا على الطريق الصحيح لنصبح من أكبر أربع اقتصادات في العالم”. وأشار إلى أنّه “يجب أن تمتلك الدولة جميع المفاتيح التكنولوجية في مجال الرعاية الصحية والأمن الغذائي، وكذلك هناك حاجة ضرورية في المجالات الشاملة التي تدعم اقتصاد البلاد”. وذكر أنّه “على مدى السنوات الست المقبلة يتعيّن علينا أن نحقّق نمواً مستداماً في معدل المواليد ولتحقيق ذلك، سيتم اتخاذ تدابير إضافية، بما في ذلك التنمية الاجتماعية الإقليمية”. التعاون الإقليمي تناول الرئيس الروسي أيضاً مسألة التعاون الروسي مع دول الإقليم، وقال إنّ “التعاون بين روسيا والآسيان يتطوّر بشكل إيجابي، وموسكو تتمتع بعلاقات جيدة طويلة الأمد مع الدول العربية والأفريقية”. وذكر أنّ “هناك دولاً جديدة تنضم بنشاط إلى منظمات مثل منظمة شانغهاي للتعاون وبريكس، وأنّ موسكو ستقوم بالتعاون مع الدول الصديقة، بإنشاء ممرات لوجستية فعّالة وتطوير التفاعل على أساس المساواة”. كما صرّح أنّ “موسكو تسعى جاهدة إلى توحيد الأغلبية العالمية، حيث نرى انهيار الاحتكارات وظهور هياكل جديدة، ومنها دول بريكس التي تشكّل اليوم نحو 37% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي”. وأشار في هذا السياق إلى أنّ “العالم بحاجة إلى صياغة جديدة للأمن العالمي، وروسيا مستعدة للحوار مع جميع الدول”. وتأتي تصريحات بوتين بعد كلام من قادة غربيين عن إمكانية نشر قوات أجنبية تابعة للناتو في أوكرانيا، وهو ما عدّته روسيا تجاوزاً للخطوط الحمر.
المصدر الميادين