على أثر قرار سحب الثقة عن حكومة نفتالي بينت، والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة في الأول من نوفمبر/تشرين ثاني القادم، يتهيأ الشارع الاسرائيلي، أحزابا ومستوطنين، لإجراء انتخابات مبكرة للمرة الخامسة خلال أربع سنوات متوالية منذ العام 2019، وللمرة الخامسة والعشرين منذ تأسيس الكيان، في ظل أجواء من اللامبالاة والبرود الشعبي، وغياب مظاهر الحماس والتعبئة الانتخابية التي اعتاد عليها الاسرائيليون في الدورات الانتخابية العادية.
والمعروف إن الاسرائيليين قد ملوا التوجه المتكرر إلى صناديق الانتخابات التي لا تحسم نتائجها، ولا تتغير معطياتها، ولا تقود بحال إلى استقرار سياسي، أو تبشر بحكومة مستقرة، تتمتع بثقة برلمانية كافية، وإنما تعيد إنتاج الانقسام نفسه، الذي يخلق حالة من الاستعصاء السياسي في ظل حكومات ضعيفة مهزوزة، تقوم شرعيتها على أغلبية ضئيلة بصوت واحد أو أكثر بقليل، الأمر الذي يجعلها دائما عرضة للابتزاز والمساومة، وأقرب إلى فقدان الثقة والسقوط عند أول أزمة تواجهها.
حيث إن الأحزاب السياسية التقليدية والجديدة، والتحالفات التي تبنى والتكتلات التي تنشأ، على العكس، فإنها لا تتوقف عن محاولات السعي للوصول إلى الكنيست الإسرائيلي، رغم قناعة الجميع أنه لن يكون هنالك ثمة حزب ملك، ولا تكتل رئيس.
ها والقانون الانتخابي والتشظي السياسي والشرذمة الحزبية، تحول دون عودة الحياة السياسة الإسرائيلية إلى زمن أحزاب العمل والليكود وحتى كاديما، ما يعني أن الكل في حاجة إلى الكل، وأنه لا قيمة مهملة، ولا تمثيل هامشي، بل إن المقعد الواحد يستطيع أن يمنح الحكومة الثقة، كما أنه يستطيع أن يسحب الثقة منها ويسقطها، وهي المعضلة التي أنشأتها الأغلبية الضئيلة، التي لم تعد تزيد عن 61 عضوا، أي النصف زائد واحد فقط، الأمر الذي يجعل كل الحكومات مهزوزة وضعيفة، وغير قادرة على الصمود أمام أي جلسة للتصويت على حجب الثقة عنها.