بعد أنباء عن إرسال الرئيس الأميركي جو بايدن رسالة إلى نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، نفى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي، اليوم الثلاثاء، صحة هذه الأنباء، في وقت ألمحت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في بيان إلى احتمال “تلويث متعمّد” للمواقع المختلف عليها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي سبق أن أعلنت أنها عثرت على جزئيات اليورانيوم في هذه المواقع.
وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، إن “هناك رسائل من أميركا ومسؤوليها، ورئيس الجمهورية (إبراهيم رئيسي) يؤكد دوماً أن ما يهمنا ليس إرسال الرسائل، بل الخطوات العملية للعودة إلى التعهدات ورفع العقوبات غير القانونية”.
وأوضح المتحدث الإيراني أن الحكومة الإيرانية الجديدة منذ البداية تعمل على إفشال العقوبات، وفي الوقت نفسه لم تترك طاولة التفاوض، مشيراً إلى صدور القرار ضد إيران في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأربعاء الماضي، لافتاً إلى أن إصدار هذا القرار بعيد زيارة المدير العام للوكالة إلى “الكيان الصهيوني دليل على عدم استقلال الوكالة وصدور القرار بتعليماته”.
وأكد جهرمي أن “إيران لديها الأنشطة النووية الأكثر شفافية، وأنها لم تترك التفاوض، ولديها مواقف محقة يجب أن تُسمع ولن يكون لسياسة الضغوط القصوى أي تأثير على المفاوضات” النووية في فيينا، المتوقفة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
رسالة من “الذرية الإيرانية” إلى الشعب
وعلى صعيد مرتبط بالملف النووي الإيراني، نشرت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية رسالة إلى الشعب الإيراني، شرحت فيها موقفها من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أخيراً بشأن القضايا الخلافية واتهاماتها لإيران بعدم التعاون في ما يرتبط بثلاثة مواقع إيرانية مشتبه في ممارسة أنشطة نووية غير معلنة فيها.
وأكدت المنظمة الإيرانية في بيانها الموجّه إلى الشارع الإيراني أن الجمهورية الإسلامية أبدت حتى الآن “تعاوناً كاملاً يتجاوز تعهداتها” مع الوكالة الدولية، مشيرة إلى أنها سبق أن أبلغت الوكالة بجميع المواد والأنشطة النووية الإيرانية بالكامل، وخضعت المنشآت النووية الإيرانية لـ”نظام تحقق قوي للغاية”.
وأضافت المنظمة أن إيران، خلال العقدين الأخيرين، شهدت الحدّ الأقصى من تفتيشات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ تشير الوكالة في تقرير لها عام 2021 إلى أن 22 في المائة من تفتيشاتها في العالم هي داخل إيران، لافتة إلى أن ذلك يحصل بينما إيران تمتلك فقط 3 في المائة من جميع المؤسسات النووية التي تغطيها الوكالة.
وتابعت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن إيران ليست ملزمة بالردّ على أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية “المبنية على وثائق مزورة وغير ذات مصداقية، لكنها بشكل طوعي، وعلى أساس مبدأ التعاون، قدمت جميع المعلومات الضرورية والوثائق المعينة، وسمحت بتفتيش تلك المواقع”، مؤكدة أن ذلك نابع عن “حسن النية”.
وبشأن تأكيد الوكالة الدولية عثورها على آثار جزيئات يورانيم في المواقع الثلاثة، قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن “إيران بذلت كل جهدها لمعرفة مصدر هذه الجزئيات”. وتابعت أن “إيران لم تجد بعد سبباً فنياً لوجود جزئيات اليورانيوم، وتصرّح بشكل منطقي بأن هناك احتمالاً أن تكون عناصر أجنبية متورطة في تلويث تلك المواقع (عملية تخريبية)”.
وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الإثنين من الأسبوع الماضي، تقريراً بشأن القضايا الخلافية بين الوكالة وإيران. وفي التقرير، ذكرت الوكالة أنّ إيران لم تردّ بمصداقية على أسئلة الوكالة المطروحة عليها منذ فترة طويلة، بشأن مصدر آثار يورانيوم عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة. وأضافت الوكالة الدولية أن إيران “لم تقدّم تفسيرات جديرة بالثقة من الناحية الفنية في ما يتعلق بالنتائج التي توصلت إليها في تلك المواقع الثلاثة”.
وعلى خلفية هذا التقرير، تبنّى مجلس محافظي الوكالة في اجتماعه الأربعاء الماضي مسودة قرار للولايات المتحدة الأميركية والترويكا الأوروبية؛ فرنسا وبريطانيا وألمانيا، ينتقد طهران ويدعوها إلى “الوفاء العاجل بتعهداتها القانونية”.
وردّت إيران على القرار وتقارير الوكالة بتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتطورة، وإيقاف كاميرات المراقبة الموضوعة في منشآتها النووية وفق الاتفاق النووي. وبحسب تصريح للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، فإن عدد هذه الكاميرات التي أخرجتها طهران من الخدمة يصل إلى 27.
زيارات دبلوماسية إلى طهران
على صعيد آخر، تشهد إيران اليوم الثلاثاء زيارات دبلوماسية من جيرانها الشرقيين، إذ من المقرّر أن يزورها الرئيس التركمانستاني سردار بيردي محمدوف، فضلاً عن وصول وزير الخارجية الباكستاني الجديد بيلاوال بوتو زرداري.
ويرافق الرئيس التركمانستاني في زيارته الأولى إلى طهران، والتي ستستمرّ ليومين، وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى. ومن المقرّر أن يجري بيردي محمدوف مباحثات مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي إلى جانب مسؤولين إيرانيين آخرين.
إلى ذلك، وصل وزير الخارجية الباكستاني إلى طهران، صباح اليوم الثلاثاء، حيث أجرى مباحثات مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، تناولت العلاقات الثنائية والوضع الأفغاني وقضايا إقليمية أخرى. ومن المقرّر أن يلتقي بوتو زرداري أيضاً الرئيس الإيراني، ووزير الطرق وبناء المدن الإيراني قاسم رستمي.
وأكد عبداللهيان، في المؤتمره الصحافي المشترك مع نظيره الباكستاني، أنهما بحثا مفاوضات فيينا، والقرار الصادر ضد إيران عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإجراءات طهران في الرد عليها.
وأضاف أن القرار جاء بعد أيام من تبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة عبر الاتحاد الأوروبي، وفي ضوء “تقدم المباحثات”، متهماً الولايات المتحدة بأنها تبتغي “ممارسة الضغط على إيران لنزع مزيد من الامتيازات منها على طاولة التفاوض غير المباشر”.
وكشف عن أن الجانب الأميركي أبلغ إيران قبل إقرار القرار بأنه “فارغ المضمون”، مؤكداً أن “مجرد تقديم القرار دفعنا إلى تحذير الطرف الأميركي من هذا الفعل، وقدمنا مبادرة جديدة ورزمة سياسية”.
وتابع “الأميركيون وافقوا على الرزمة، لكنهم في الوقت نفسه أصروا على تمرير القرار وفعلوا ذلك، وإيران بدورها زادت من أنشطتها النووية، وأبلغنا الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك قبيل إصدار القرار”.
وأوضح أنه “مع إصدار القرار، واتخاذنا المزيد من الأنشطة النووية السلمية، نعلن مجدداً أننا لا نهرب من التفاوض والدبلوماسية”، مشيراً إلى أن المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن وتبادل الرسائل معها “مستمرّ” عبر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل ونائبه أنريكي مورا.
المصدر: العربي الجديد