دشَّن أهالي حي مصر الجديدة في القاهرة العديد من الوسوم الإلكترونية، للاستغاثة من مخطط الجيش الاستيلاء على أجزاء كبيرة من “حديقة الميريلاند” التاريخية، والبدء في تجريفها تمهيداً لتحويلها إلى عمارات سكنية ومطاعم وأنشطة تجارية مؤجرة لصالح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، على غرار ما حدث مع “حديقة الطفل” في حي مدينة نصر، وحديقة قصر عابدين بوسط العاصمة.
وحديقة الميريلاند تقع على مساحة 50 فداناً، وهي المتنفس الأخضر الوحيد حالياً لأهالي مصر الجديدة، إثر القضاء على جميع المساحات الخضراء في الحي لإنشاء العديد من الطرق والجسور الجديدة، ويعود تاريخ إنشاء الحديقة إلى عام 1949 في عهد الملك فاروق تحت اسم نادي سباق الخيل، وتضم الكثير من الأشجار المعمرة، فضلاً عن بحيرة مخصصة للمراكب الصغيرة، ومشتل لتشجير الحديقة، وبيع النباتات للجمهور، إلى جانب برجولات، ومشايات، وشلالات.
وعبر وسم عدیدة دوّن الأهالي شهاداتهم عن إغلاق الحديقة أمام الجمهور من دون إعلان الأسباب، وبدء الهيئة الهندسية للجيش في أعمال تجريفها، وإزالة الأشجار والأرصفة من شارعي نهرو والأندلس في محيط الحديقة، وكذلك هدم مشتل مصر الجديدة بدعوى إنشاء شارع جديد، وإنشاء مركز تجاري لصالح الجيش على أرض حديقة شارع الحجاز.
ونشرت “مبادرة تراث مصر الجديدة” بياناً عبر صفحتها على موقع “فيسبوك”، تحت عنوان “ارفعوا أيديكم عن سكان وأشجار وتراث مصر الجديدة”، قالت فيه: “الواقع كما هو اليوم: استقطاع جزء من حديقة الميريلاند، وقطع الأشجار، وهدم منطقة الباتيناج التراثية من أجل إقامة نصب تذكاري، بعد استلام الموقع من جانب الهيئة الهندسية للقوات المسلحة”.
وأشار البيان إلى توسعة شارع نهرو إلى 5 حارات في كل اتجاه، ونزع كل الأشجار فيه، وإنشاء شارع جديد خلف حديقة الميريلاند، وصولاً إلى شارع جسر السويس، بالإضافة إلى هدم مشتل مصر الجديدة كلياً، وتحويل حديقة غرناطة إلى سنتر تجاري، علاوة على بناء هيئة النظافة كافتيريا بالطوب الأحمر داخل حديقة الفاسقية في منطقة روكسي.
ودانت المبادرة هدم تراث المباني وقطع الأشجار في حديقة الميريلاند، بما يمثل مخالفة صارخة لقوانين البيئة، والتنسيق الحضاري. وفي المقابل، صمت محافظة القاهرة، ووزارة البيئة، بحجة استثمار جهة سيادية (غير معلومة) في منطقة المطاعم، عقب أسابيع قليلة من تهجير المواطنين من منازلهم في منطقة ألماظة بحي مصر الجديدة بحجج غير شفافة أو مفهومة.
وتساءلت مريم ماجر: “هل يوجد مسؤول في مصر لديه من الضمير لإنقاذ الأشجار المعمرة في شارع نهرو؟ نهرو شارع سكني هادئ جداً خلف حديقة الميريلاند في مصر الجديدة، والعمارات توجد على ناحية واحدة من الشارع، وحديقة الميريلاند على الناحية الأخرى”، مستكملة “الشارع واسع جداً، ولا يشهد ازدحاماً مرورياً لتوسعته”، وأضافت: “اليوم قرروا تصغير الرصيف أمام العمارات من أجل توسعة الشارع الجانبي الواسع في الأصل، وبالتالي قطع كل الأشجار أمام العمارات، وهي أشجار قديمة وجميلة جداً مثل أشجار حديقة الميريلاند. والسؤال هو لماذا تدمير شارع سكني هادئ، وجعل المرور منه مستحيلاً للسكان مثل كل شوارع مصر الجديدة حالياً؟”.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد وجه الجهات المختصة بـ”تعظيم الاستفادة المالية من حديقتي الحيوان والأورمان التاريخيتين في محافظة الجيزة”، ما يعني تحويلهما إلى أماكن للمطاعم والمقاهي الحديثة، بعد إزالة وتجريف أكبر قدر ممكن من المساحات الخضراء، مثلما حدث مع حدائق “عروس النيل” و”صباح الخير” و”هابي لاند” الأقدم في مدينة المنصورة، عاصمة محافظة الدقهلية، والتي تم هدمها لإنشاء مشروع سكني باسم “تحيا مصر المنصورة”.
وحصلت الشركة الوطنية المملوكة للجيش بـ”الأمر المباشر” على حق استغلال منطقة المنتزه التاريخية في محافظة الإسكندرية، بعد تجريفها تماماً من الأشجار النادرة والمعمرة، وكذلك بالنسبة لأراضي مستشفى العباسية للصحة النفسية في القاهرة، لتحويلها إلى متاجر ومطاعم وكافيهات كتلك المنتشرة تحت الجسور الجديدة في مناطق شرق القاهرة، وعلى امتداد محور 26 يوليو بين مدينة السادس من أكتوبر وطريق القاهرة – الإسكندرية، وفي محيط المحطات الجديدة لتموين الوقود على الطرق السريعة.