دخلت فنزويلا في أزمة سياسية جديدة مع إصرار المعارضة على رفض نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد، وأسفرت عن فوز الرئيس نيكولاس مادورو بولاية ثالثة وفقا لهيئة الانتخابات. وبينما شهدت شوارع البلاد احتجاجات، دعت 9 دول أميركية لاتينية إلى “مراجعة كاملة” لنتائج الانتخابات. وأعلنت لجنة الانتخابات الفنزويلية أمس الاثنين رسميا فوز الرئيس مادورو، وأوضحت أنه حصل على 51.2% من الأصوات مقابل 44.2 لمرشح المعارضة إدموندو غونزاليس. وقالت زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو إن المعارضة لديها الوسائل “لإثبات” فوز غونزاليس، وأكدت أنه بعد جمع 73% من بطاقات النتائج من مراكز الاقتراع، حصل غونزاليس على 6.27 ملايين صوت، في مقابل 2.7 مليون صوت للرئيس المنتهية ولايته. وحلّ غونزاليس -وهو دبلوماسي سابق يبلغ 74 عاما- مكان ماتشادو مرشحا للمعارضة بعدما استبعدتها السلطات الموالية لمادورو من السباق. وقالت المعارضة إن القواعد انتهكت يوم الاقتراع، وأشارت إلى منع مراقبيها من حضور عمليات الفرز ومخالفات أخرى. من جانبه، قال غونزاليس إن “معركتنا متواصلة ولن نهدأ إلى أن تنعكس رغبة الشعب الفنزويلي” على أرض الواقع، لافتا إلى عدم صدور أي دعوات للتظاهر. وكتب على منصة “إكس” قبيل صدور النتيجة الرسمية أنه “لا يمكن تكذيب النتائج. اختارت البلاد التغيير السلمي”. انقلاب فاشي ودافع مادورو عن نفسه أمام ادعاءات المعارضة، وقال إنه استُهدف بمحاولة “انقلاب فاشي معاد للثورة في فنزويلا”، في حين اتهمت النيابة العامة ماتشادو بالضلوع في محاولة اختراق للنظام الانتخابي والتلاعب بالنتائج. وأفادت وسائل إعلام فنزويلية بمقتل أحد المحتجين، وإصابة آخرين في احتجاجات بالعاصمة كركاس ومدن أخرى لمعارضين لإعلان فوز مادورو، وشهدت الاحتجاجات أعمال عنف شملت تدمير مرافق عامة وأحد مجسمات الزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز. ولم يقتصر الاحتجاج على نتائج الانتخابات على الجبهة الداخلية، فأعربت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن مخاوف بشأن مخالفات شابت الاقتراع. ودعت 9 دول أميركية لاتينية إلى “مراجعة كاملة” للنتائج، ووصف رئيس كوستاريكا رودريغو تشافيز تلك النتائح بأنها قائمة على “الاحتيال” بينما رأى رئيس تشيلي غابريال بوريك أنه “يصعب تصديقها”. بدوره، قال وزير خارجية أوروغواي إن بلاده لن تعترف أبدا بفوز مادورو بسبب ما سماه الانتصار الواضح للمعارضة، في حين أمرت وزارة خارجية البيرو الدبلوماسيين الفنزويليين في العاصمة ليما بمغادرة البلاد خلال 72 ساعة. سحب دبلوماسيين وردا على ذلك، أعلنت فنزويلا سحب موظفيها الدبلوماسيين من 7 دول في أميركا اللاتينية احتجاجا على “تدخل” حكومات هذه البلدان وتشكيكها في نتائج الانتخابات، ورأت كراكاس أن موقف حكومات الأرجنتين وتشيلي وكوستاريكا وبنما والبيرو وجمهورية الدومينيكان والأوروغواي “يقوّض السيادة الوطنية”، داعية دبلوماسييها إلى مغادرة هذه البلدان. وأجريت الانتخابات وسط مخاوف واسعة النطاق من عمليات تزوير، بعدما طغت على الحملة الانتخابية اتهامات بالترهيب السياسي. وتوقعت مراكز استطلاع للرأي بأن مادورو سيخسر ولكنه لن يقرّ بذلك. وتولى مادورو (61 عاما) -وهو سائق حافلة ووزير خارجية سابق- منصب الرئيس بعد وفاة تشافيز في عام 2013، وشهدت فترة حكمه تراجع إجمالي الناتج الداخلي للدولة النفطية بنسبة 80% في غضون عقد، وقد دفع ذلك أكثر من 7 ملايين من سكان البلاد البالغ عددهم 30 مليونا إلى الهجرة. وكانت انتخابات الأحد نتيجة اتفاق تم التوصل إليه العام الماضي بين الحكومة والمعارضة، ودفع الاتفاق الولايات المتحدة إلى تخفيف العقوبات التي فرضتها بعد إعادة انتخاب مادورو عام 2018، لكن أعيد فرض العقوبات بعدما تراجع مادورو عن شروط تم الاتفاق عليها. وتسعى واشنطن لعودة الاستقرار في فنزويلا التي تضم أكبر احتياطات نفطية في العالم مع قدرة إنتاجية ضئيلة جدا. ويعد الوضع الاقتصادي في الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية من أبرز أسباب الهجرة التي تضغط على حدود الولايات المتحدة الجنوبية.
المصدر : الجزيرة + وكالات